ذِكْرَى السِّرَاجِ

كَأَنَّكَ تَقْرَأُ سِفْرَ الخُرُوجِ وَحِيدًا وَكُلُّ العَوَالِمِ مَرْثِيَّةٌ لِلصِّبَا لَمْ أُقَابِلْكَ عِندَ انْتِهَاءِ الحِصَصْ مَرَّ عَامٌ عَلَيْنَا فَهَيِّئْ لَنَا مَجْلِسًا فِي مُدَامِ النَّوَى كَيْ نَجُوسَ بِأَدْنَى القِصَصْ كُنْتَ تَعْبُرُ لِي سِيرَةَ الزِّيرِ سَالِمٍ وَتَقْرَأُ لِي صَفْحَةً مِنْ كِتَابِ العِلَلْ ثُمَّ بَادَرْتَ تُنْشِدُنَا مَا تَيَسَّرَ مِنْ تِيهِ هَذَا الزَّمَانِ لِنَبْكِي الطَّرِيقَ وَنَسْتَبِقَ الخَطْوَ نَحْوَ اكْتِمَالِ الجُمَلْ كَأَنِّي سَمِعْتُكَ يَوْمًا تَقُولُ: “وَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَا” ثُمَّ تَسْكُبُ فِينَا ضِيَاءَكَ مُغْتَبِقًا مِنْ هُدًى سَابِحٍ فِي الزَّلَلْ أُخَيَّ، أَمِنْ بَعْدِ مَوْتٍ أَرَاكَ تُرَافِقُنِي فِي جِبَالِ السَّحِيرِ؟ جَمِيلًا كَمَا كُنْتَ، يَتْبَعْنَكَ الفَاتِنَاتْ يُقَطِّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَيُنْشِدْنَ شِعْرَ الجُعَيْدِيِّ(1) عَلَى بَاحَةِ الحُسْنِ قَلَّبْنَ فِيكَ المُقَلْ وَفِي صَيْفِ قَرْوَى أَرَاكَ تَطِيرُ إِلَى شَفَقٍ مُشْرِقٍ كَالصَّبَاحَاتِ مُعْشَوْشِبًا فِي ثَنَايَا الوَجَلْ هَاطِلُ الوَسْمِ عَذْبُ المَجِيءِ كَرِيمًا كَمَا حَقْلُ قَمْحٍ عَجُولًا إِلَى المَكْرُمَاتِ بَهِيُّ الأَمَلْ لَيْتَهُ يَفْتَحُ الغَيْبُ لِي كُوَّةً مِنْ ضِيَاءٍ أَرَاكَ تَقُولُ النِّكَاتَ لِطِفْلٍ خَجُولٍ وَأَنْتَ تَقْهَقِهُ مُنْتَشِيًا كَالرُّعَاةِ إِذَا جَادَ وَسْمٌ ثَمِلْ 1 - الشاعر ابو جعيدي رحمه الله