المنديل الأصفر يتجاوز كونه رداء يكمل به الزي النسائي في جنوب المملكة العربية السعودية ، بل يحمل دلالات أعمق ، وثقافة أشمل. فهو علامة يفرق بها بين الفتاة والمرأة المتزوجة حيث إن الفتاة بمجرد أن تتخطى عتبة الطفولة وعندما تكلف بمهام خارجية مثل : الرعي ، الصريم ، الحماة ، وكل هذه المهام التي تكون على مرأى من الآخر فإنه مع هذا التكليف يفرض عليها ارتداء المنديل الأصفر ،وعدم خلعه أمام الغرباء تحت أي ظرف. هذه العادة وهذه الثقافة العامة في القرى تكفل للفتاة حقها في احترام حدودها ، لكونها أصبحت بالغا وكبيرة ، ومن جانب آخر تضمن لها طريقة مثالية للحصول على فرصة الزواج دون ابتذال أو تجاوز ، ففي معظم الوقت تكون أمام الأعين في عملها الذي تكلف به ، وبالتالي فهي مرشحة للاختيار ، ذلك بإشعار الشاب أن هذه الفتاة أصبحت في سن الزواج بإرتدائها المنديل ، وبمجرد أن يعقد عليها الزوج يحدث التغيير ، حيث تقوم بلبس الشيلة من فوق المنديل فيكون هذا دليلاً على ارتباطها ، وأنها أصبحت امرأة متزوجة ، فلا ينظر إليها ولا يتحدث إليها أحد فيما يخص الارتباط.. المنديل الأصفر هوية قديمة يحمل اللون الأصفر الزاهي الذي يجمع بين لون الشمس بإشراقها وبين صفرة السنابل في الحقول ، ويُرتدى طوال النهار ، وفي أغلب الأوقات لا تخلعه الفتاة إلا وقت النوم ، فلا تكشف شعرها بالكامل أمام أحد الرجال من أفراد الأسرة سواء الأب ، العم ، الخال ، الأخ ، وهذا يعود إلى حيائها من الرجل.. يُرتدى مثنيا مثل شماغ الرجل ثم تقوم بربطه بعقدة تأتي أعلى العنق ويترك طرفاه متدليين ويربط بهما خطر ريحان أو علك اللبان أو المفتاح أو النقود . وطريقة أخرى يربط خلف الرقبة بعقد طرفيه وفي العادة تكون مقدمة الرأس مكشوفة فَرقا أو قصة ، ويوضع مسحوق الطيب أو المكعس(١) في المناسبات الاجتماعية.. وُظّف المنديلُ في بعض القصائد والنصوص الأدبية لبعض أدباء منطقة عسير ولعل أشهرها ما قاله الشاعر محمد زايد الألمعي : كلام حبيبتي سكر وعيناها عسيرية وفي منديلها الأصفر نما قمر وجورية وما قال الشاعر إبراهيم طالع الألمعي : فهزّي إليك بجذع الوفاءِ يساقطْه منديلكِ الأصفرُ (١) المكعس: أضمومة من النباتات العطرية تعمل بشكل منسق وتوضع في مؤخرة الهامة وذلك بتثبيتها بجديلتين صغيرتين .