بأي ذنب جُفت..!!
أقود سيارتي لمسافة طويلة الساعة تشير إلى الرابعة عصراً ، لا شيء يرافقني سوى ثقل أجفاني، وربما غيمة تسللت من المرتفعات لترافقني خلسة. لم يكن السبب إلا أنني أحب الانفراد بنفسي، حتى من نفسي ذاتها. نظرت إلى السماء، فإذا بالغيمات تتدرج ألوانها بدفء غريب، تحدثت إلى نفسي: ماذا لو كانت هذه الغيمات ثكلى بالمطر؟ هل هذا ما يُسمى بالمزن؟! تثقلني أجفاني أيضًا، لكنها خالية من الدموع ولا رغبة فيها للنعاس. أعدت النظر، فوجدتني مسلوبة من تيار يجمع بين السماء وأفق البحر. أوقفت السيارة ونزلت منها، مندفعة نحو نداء حنون قادني إلى دوامة التيار. هناك، رأيت الغيوم المثقلة بالهموم، والأرض المتشققة بفعل غياب المطر، والأشجار اليابسة المستندة على عصا إنسان. منظر مهيب، أوقفني مذهولةً: كيف لهذا الجمال أن يحرم الأرض نعيم السماء؟ رباه، أين أنا؟ ما بال الأشجار مقتلعة من جذورها؟ ما بال الغيوم تمضي دون أن تمطر؟ وما بال الأرض عزفت عن استقبال الحياة؟ ظنونٌ تتعارك داخلي، هل أحدث الغيمات ليرق قلبها؟ أم أناجي الأشجار لتخبرني بأي ذنب ظُلمت؟ أم أسأل الأرض عن أسباب جفائها؟ كنت في صراع بين العاطفة والمنطق. لا تفسير يريحني سوى الاستمرار في التساؤل. رفعت جفني المثقل بالتعب فجأة، لأجدني أمام منزلي. لحظة عابرة، ربما كانت ثانية مستقطعة من الزمن، غفوة قصيرة بعد عناء يوم طويل. كيف وصلت؟ لا أعلم. لكن ما أعلمه يقينًا: أن الصراع لأسباب كونية سيظل مجهولًا، وأن الصمود دائمًا، لمن مضى عكس التيار.