الكتب تبقي الكاتب حيًّا بعد وفاته.
عندما يموت صاحب ثروة دون أن يترك خلفه أثرًا؛ كوقف أو نحوه، فإن حياته أو ذكره ينتهي في الغالب بعد دفنه بمدة قصيرة إلا من قبل أقربائه. لكن الكاتب يستمر ذكره بمقدار بقاء كتبه وقوة تأثيرها. ولذلك فقد قال الشاعر قديمًا: الخط يبقى زمانًا بعد كاتبه *** وكاتب الخط تحت الأرض مدفون وهذه النقطة هي أحد أسباب تعلق بعض الكتاب بالكتابة، عازفين أو مبتعدين عن عالم المال، وربما مات بعضهم فقراء. فعندما عرض الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على صديقه الكاتب الشهير أنيس منصور أن يعينه وزيرًا للثقافة، اعتذر الأخير بقوله: “الكاتب عمره أطول من عمر الوزير”، قاصدًا أن عمر الوزير ينتهي بوفاته أو إقالته، أما الكاتب فيبقى حيًّا ما دام أن هناك من يقرأ له. وهذا ما كان؛ إذ ترك هذا الكاتب خلفه أكثر من 160 كتابًا، لا يزال يذكر بها بعد وفاته. وذكر الكاتب الإسباني كارلوس زافون (1964-2022)، مؤلف سلسلة مقبرة الكتب المنسية، أنه عندما أخبر والده بأنه سوف يصبح كاتبًا استاء كثيرًا، فرد عليه كارلوس: ما أردته هو البقاء على قيد الحياة يومًا بعد يوم. أما الكاتب البيروفي ألونسو كويتو (ابن الفيلسوف كارلوس كويتو فرنانديني) فقد قال عن توجهه للكتابة: لو لم يَمُت أبي لكُنت محاميًا أو طبيبًا، لأن حياتي قبل موته كانت جنّة. فانهارت هذه الجنة ثم أصبحتُ كاتبًا. يكتبُ المرء لمحاولة استعادة تلك الجَنة المفقودة، يتمسك بالكلمات لأنها تمنحه فكرة أن الأشياء بإمكانها أن تستمر، وهذا لا يحدث لأن الحياة خسارة مستمرة. الكتب هي بالفعل ما يجعلنا نتذكر كتابا انتقلوا من هذه الحياة منذ مئات وربما آلاف السنين وذلك عبر كتبهم التي سطروها ولا نزال نطالعها حتى اليوم. •“الكتب هي الآثار الأكثر بقاء على الزمن”. الكاتب والشاعر الأمريكي إمرسون.