كانَ موتاً مَجَازاً.
«بين المتنبّي وقاتِلِه» كنتَ حبّاً يشعُّ وكانَ انطفاءَ انتحابةْ كنتَ تطويْ الدُّروبَ لتنثالُ فوقَ شفاهِ الصَّحارى سَحابةْ والذي كانَ يصقلُ أحقادَهُ في الظّلامِ ويَشحذُ بالوَيلِ نَابهْ ثارَ بُغضاً وأيقظَ جفنَ الرّدى ثمّ عادَ وفي يدِهِ مطرٌ زاهقٌ وشَظايا إباءٍ وأشلاءُ جَانحةٍ من كآبةْ قمرٌ في الثرى شاخبُ أيها الفاتكُ الصاخبُ لا تطرْ فرحاً حين يعلو نشازُكَ حين تكسّرُ عند النِّزالِ الرَّبابةْ كنتَ ناراً وكان انصبابةْ أنتَ سَدّدتَ حقدَكَ في الوردِ في قلبِهِ ذي الأريْجِ الزكيِّ وقد سالَ فاكرَعْ شَذاهُ وَشُمَّ انْسكابهْ ثم راقبْ ضحيّةَ طَعْنكَ عبرَ المدى كيفَ تَخْضَرُّ من دمِهِ لُغةٌ كيفَ ينسجُ للرِّيحِ أُغنيةً كيفَ يبنيْ على هامةِ الخلدِ محرابَهُ ثمَّ يُعلي قِبابهْ كانَ موتاً مجازاً ولحناً حِجازاً ومهما تَلبّدَ صمتٌ يبوحُ الصَّبا بالذي خبّأَتْهُ الصَبابةْ هلْ لنارٍ يُسجّرُها (فاتكٌ) نهرُ حبٍّ يقيْ شجرَ الفنِّ من جمرهِ حين يُضرِي التهابهْ؟ (فاتكٌ) لم يَمتْ هو أيضاً تَوارى عن الموتِ مازالَ يَسقي حِرابَهْ مِنْ دماءِ القصائدِ منْ وجعِ النّايِ منْ طخيةِ اللّونِ منْ طعنِ تلكَ الحنايَا المُذابةْ إنّ هذا المُدجّجَ بالثأرِ لمْ يُنْهِ حَربَهْ لمْ يزلْ عطرُ (مَنْشَمَ) يحتلُّ عِرنينَ (ضَبّةْ) والبساتينُ تذبلُ تذبلُ والبيدُ ظامئةٌ والسّرابُ المُخاتلُ يُجري على الدّربِ كذبهْ غابة تأكل الآنَ غابَةْ من سيسْقي الشّجيراتِ حتى إذا نَضجَ الغصنُ أورقَ منه اليَراعُ وفاحتْ كتابةْ؟ من سيسقي الكتابةْ؟