عن خبراء النعرات الرياضية..

من يُدير الرحى ومن يطحنْ الحب؟

ها هي دوامة التعصب تعصف بشارعنا الرياضي من جديد. وهكذا، بعد كل مشاركة للمنتخب الوطني لكرة القدم. وعند الهزيمة يبدأ المتناحرون -تحت ظلال ألوان أنديتهم- بتجريح لاعبي المنتخب وتجريدهم من وطنيتهم بسبب تلك الهزيمة. وينبري للأمر معهم مقدمو البرامج وضيوفهم ممن يُطلَق عليهم لقب “خبراء الرياضة” و”محللي المباريات”. تطغى تلك الصورة السيئة من التعصب المتّشح بألوان المشجعين وانتماءاتهم، حيث تقام محاكمات اللوم والتقريع لإدارة المنتخب ومسئولي الاتحاد السعودي والمدرب واللاعبين. وهناك نجد المقترحات الانفعالية والآراء المتشنجة. وكلٌّ يدّعي -مِن أولئك الخبراء والمحللين- أنه صاحب الرأي الصائب وبين يديه القول الفصل. والسؤال العريض الذي يبنون عليهم مقترحاتهم وتوصياتهم، بعد حومة اللوم والتقريع الصاخبة: ماذا ينقص المنتخب ليفوز؟ السؤال منطقي وواقعي ولكن التوصيات والآراء لا تحمل واقعية السؤال ولا منطقه. ذلك أن المتحدّث الخبير هو أصل المشكلة ذاتها، ولن يصدر عنه وعن أمثاله من أدعياء الخبرة أيّ حل. ما هو أمامنا وما نشاهده ونستمع إليه مجرد متشنجين يتوشّحون ألوان أنديتهم؛ يدافعون عن “لاعبي لونهم المفضّل” ويهاجمون بضراوة “لاعبي اللون الآخر!”؛ يهاجمون إلى درجة التخوين، كما قلنا. فوصل الحال بهؤلاء إلى الحضيض من صور الطرح الاعلامي. هجوم مجاني فارغ لا يمتّ إلى النقد الهادف والبنّاء بصلة. إنما هو تفريغ حالةٍ انفعالية للمتحدث بلون ناديه، وبهذه الصورة السوداوية من الطرح الإعلامي لم يعد لدينا محتوى يمكن أن نثق به أو نستمع إليه. فلا حكمة في الطرح ولا مهنية في الأسلوب ولا أمانة في إيصال المعلومة الصحيحة. نعلم، جميعاً، أن هذا المستوى من التناول الإعلامي المتحامل دون وجاهة نقدية وبلا مسؤولية؛ يصل إلى اللاعبين وإلى المدرب - وإنْ كان هذا الأخير يقول أنه غير مهتم بالإعلام- فيؤثر على المستوى الذهني والتركيز وعلى الجانب النفسي. وهنا يتساءل اللاعب: “أنا أبذل مجهوداً في التدريبات والمباريات، وألعب وفق منظومة. ونحن في كل الأحوال بشر نصيب ونخطئ لأسباب عديدة وكثيرة تؤثر تارةً إيجابا فنصيب أو سلباً فنخطئ”. وبملاحظة ما يجري وما تنشأ عنه من نتائج؛ فإن الخاسر هو رياضة الوطن في كرة القدم حيث تغيب الانتصارات وتذهب عنا بعيداً البطولات. اذاً ما الحل إزاء ذلك “التسيّب الإعلامي” بآثاره السلبية على حياتنا الرياضية؛ جماهير ولاعبين وهيئة إدارية؟! نقترح أن تقوم السلطة العليا ممثّلة بـ وزارة الرياضة والمسؤولة عن الرياضة بكافة مسابقاتها وأشكالها بالتدخل إيقاف هذا العبث والطرح الإعلامي غير المهني وغير الأمين. الساحة تنتظر حلّاً جذريّاً وقراراتٍ صارمة توقف هذه المهزلة الغوغائية. ونحن ننتظر فمن يدير الرحى ومن يطحن الحب؟