فلسطين.. من روزفلت إلى كارتر.
تعاقب رؤساء أمريكيون كثر خلال تاريخ القضية الفلسطينية في كل مراحلها ومنعطفاتها، إلا أن أبرز رئيسين للولايات المتحدة يمكن أن نقول إن مواقفهما كانت إيجابية هما: فرانكلين روزفلت، وجيمي كارتر؛ وذلك من خلال المواقف العديدة لكل منهما. بالنسبة لروزفلت فقد كان لصداقته بالملك عبدالعزيز – رحمه الله – والاحترام الكبير الذي كان يكنّه له سببٌ مؤثرٌ في سياساته ومواقفه من القضية الفلسطينية. في تلك الفترة تحديداً كانت الوكالة اليهودية قد أنشئت في واشنطن لتمارس عملها في الضغط السياسي على الرئيس الأمريكي، ولكن فيما يبدو أن الضغط المنظم والمؤسسي الذي واجهه روزفلت من داخل واشنطن على يد الوكالة اليهودية لم يكن بأقوى تأثيراً عليه من الضغط القادم من النصف الشرقي من الكرة الأرضية، ومن صحراء معزولة، ومن رجل واحد فقط، وهو الملك عبدالعزيز، إنه «ضغط الاحترام والتقدير» والكلمة التي قطع بها روزفلت؛ فقد كشفت المراسلات بين الملك عبدالعزيز وروزفلت أن الأخير كان يؤكد على ما وعد به للملك من التأكيد على عدم اتخاذ أي خطوة دون الرجوع للعرب كشريك في القضية الفلسطينية، إلا أن بعد وفاة روزفلت عام 1945 تغيرت الكثير من المعطيات في أمريكا. ظل الرئيس روزفلت يطرح الحلول وأفكار المبادرات التنموية للعرب في فلسطين لتجنب أي حرب محتملة مع اليهود، والعمل على إنشاء دولة يشترك في إدارتها العرب واليهود. وفي هذا الصدد يقول ديفيد نايلز مستشار الرئيس روزفلت ثم مستشار الرئيس ترومان لاحقاً: «لو أن روزفلت بقي حياً أشك بأن إسرائيل كانت سترى النور»، وبصرف أن النظر عن (المبالغة) في وجهة نظر نايلز إلا أن هذا الأمر يدلل بوضوح على أن الرئيس روزفلت كان أكثر حياداً، وسلميةً، في موضوع فلسطين، وكان أكثر حرصاً على تجنب وقوع الصراع الذي وقع بالفعل لاحقاً. أما الرئيس جيمي كارتر فقد شهدت ولايته أبرز المنعطفات التاريخية للقضية الفلسطينية؛ فهو الذي رعى اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، والتي بموجبها استحق كارتر جائزة نوبل للسلام، كما اشتهر الرجل بمواقفه المساندة للفلسطينيين في كثير من مقالاته وآرائه، وقد كان ينتقد بشدة الآلة العسكرية الإسرائيلية معتبراً أنها «حوّلت الأماكن المقدسة إلى ثكنات عسكرية»، إضافةً إلى العديد من المواقف المشابهة. كارتر الذي أكمل في أكتوبر الماضي عامه المئة من العمر كان قد تسلم في 2009 جائزة فلسطين الدولية للتميز والإبداع، وهي جائزة تمنح سنوياً للشخصيات التي لها مجهود في دعم القضية الفلسطينية. لكل شخصية رأست البيت الأبيض مع فلسطين حكاية، بعضهم كان جيداً في التعاطي معها، وبعضهم كان الأسوأ. إلا أن ما نأمله، وتأمله القضية الفلسطينية والجرح الفلسطيني هو أن تجد لها مخرجاً في المرحلة المقبلة، وأن يستوعب التعنّت الإسرائيلي حقائق التاريخ والجغرافيا ولو لمرة واحدة.