سنة جديدة.
ويطوي الزمن صفحة من كتابه، انتهت سنة وبدأت سنة أخرى جديدة، الابتهاج بها حفلات تعم المعمورة. ما يصعب فهمه علي، أن يحتفل بالسنة الجديدة، حيث أرى أننا نبخس السنة الماضية حقها؛ فقد ولت عنا بعد أن أفرغت ما في جعبتها من أحداث طيبة أو سيئة، كأنها حلم راودك ليلا، إن كان جميلا، فقد استمتعت به، وآن كان مزعجا، فأنت كما يقال (على اليابسة) بعد استيقاظك ولا ضرر منه. السنة الجديدة في الجانب الآخر، مجهولة الأحداث والمصير، تذكر أنك في أسوأ الأحوال يحتمل ألا تنهيها. أمر آخر يرتبط عادة ببداية العام، وهو قرارات السنة الجديدة (RESULOTIONS) حيث يقوم البعض مع بداية السنة جديدة بإلزام أنفسهم وعودا للقيام بعادة حسنة، أو التوقف عن عادة سيئة. أظهرت الدراسات أن 88 بالمائة من الأشخاص الذين وضعوا قرارات للعام الجديد يفشلون في تحقيقها خلال الأسبوعين الأولين، وسبب ذلك أن الأهداف غالبا ما تكون غير واقعية أو مثالية للغاية. وحتى تنجح في تنفيذ قراراتك فمن المهم أن تكون منطقية وتوزيعها على فترات زمنية مختلفة، فالحمل الضخم يسهل حمله إذا ما تمت تجزئته. الآمر الأيسر، مراجعة أحداث العام المنصرم، من المؤكد إنك مررت بلحظات جميلة وأخرى غير متوقعة تود نسيانها، كل ما عليك فعله أن تزيد من الأول وتقلل من الآخر قدر المستطاع. إن كثيرا منا يعيش حياته كيفما أتفق، هو دائما متأثر بالأحداث الخاصة به وليس مؤثرا عليها، أفعالنا وقراراتنا في الغالب، ردة فعل آنية غير مدروسة. إن من الأهمية أن تختلي بنفسك لوقت مناسب وتدون كتابة ما ترغب فعله السنة القادمة، جدول سفرياتك الداخلية والخارجية زمانا ومكانا لتتناسب مع طقس وطبيعة المنطقة، وحسب غرض السفر، إن كان للطبيعة، أو للتبضع أو لغرض آخر. فائدة أخرى آن ذلك يقلل عليك التكاليف المالية. من المهم أيضا أن تأخذ في الاعتبار أثناء الجدولة، الارتباطات الاجتماعية والالتزامات العائلية والشخصية، علما أن الجدولة قابلة للتعديل إذا ما حدث طارئ يستوجب ذلك. من أهم عوامل الاستزادة هو تعطيل العقل الباطني التلقائي (الكسل الذهني) والذي يجعلك تقوم بالأعمال دون التفكير بها ولا بكيفية تحسين نتائجها فمثلا قد تكون تعودت الذهاب إلى مكان ما بالسيارة حسب الطريق الذي سلكته في أول الأمر ونتيجة لذلك يقوم عقلك الباطني -تلقائيا- باستمرارية أخذك مع الطريق المعتاد حتى وإن لم يكن الأصح. نحن نفعل أشياء كثيرة في برنامجنا اليومي من أكل وشرب ونوم ورياضة وهوايات وواجبات وأشياء أخرى استنفاداً للوقت المحسوب علينا، لكن من الأفضل التوقف قليلا بين وقت وآخر والتفكر في كيفية عملنا لهذه الأشياء ثم القيام بتحسين أدائنا لها ولو بنسبة بسيطة تكون نتيجتها مع الوقت مذهلة. لو أخذنا شيئا كالطعام مثالاً، وفكرت في طريقة رفع مستوى إتمام هذه الوظيفة فستجد فعلا أنه بإدخال بعض التحسينات سواء في نوعية أو كمية مكوناتها أو حتى في طريقة أكلك، ما له مردود عال، صحيا أو حتى من حيث الاستمتاع به . وهذا ينطبق على الوظائف الأخرى التي سبق ذكرها. أخيرا، ونحن بصدد بداية عام جديد، من الأجدى أن نتوقف ونتأمل بيت شعر متداول مشهور، يُغني عن كتاب في الفلسفة والحكمة، يقول راشد الخلاوي: نعد الليالي والليالي تعدنا والأعمار تفنى والليالي بزايد كل عام وأنتم بخير وعافية وسعادة...