( فيلم بابل / حتى النجوم لا بد أن تفقد بريقها يوماً ما ).
والحياة كذلك هي فيلم سينمائي قصير بأبطالها وممثليها المهمشين وأحداثها المفاجئة كل ذلك سيمضي كشريط سريع مختوم بكلمة واحدة “النهاية”. تقوم نتفليكس بعرض فيلم “بابل” والذي تم إنتاجه قبل عامين من الآن والمأخوذ بدوره عن أفلام أخرى تحاكي ذات القصة لكن بجرأة أكبر هذه المرة تحت تصنيف للبالغين فقط، ويسقط الفيلم الغموض الذي يحيط بأعمال هوليود السينمائية والصورة النمطية لها في الأذهان، وكذلك لصناعة الأفلام اللامعة والمقترنة بالنجوم الذين يمشون على السجادات الحمراء بكامل أناقتهم دون أن يعرف الجميع كيف تحدث الأمور خلف الكواليس، والفيلم يسرد الحكاية الأولى للصراع ما بين الصورة والصوت في بدايات الإنتاج السينمائي في العشرينات الميلادية وكيف بدأت تتطور الأمور تدريجياً من الأفلام الصامتة تماما والمعتمدة كلياً على الصورة والكتابة إلى الأفلام الناطقة التي يميز فيها الجمهور صوت النجم وصورته، ورحلة النجومية القصيرة جداً والتي لا تكاد تبدأ حتى تنتهي، بسبب التطور والانتقال من مرحلة إلى أخرى ولكل مرحلة ملوكها وأبطالها، والكثير من الضحايا في سبيل صعود نجم ولمعانه وحصول الأفلام على إيرادات، والنقلة المدهشة من التعامل مع الممثلين كأشخاص لا قيمة لهم إلى شخصيات صف أول في المجتمع وتستطيع الدخول إلى القصور الملكية والوصول إلى أصحاب المال والسلطة، ومن هنا تبدأ الأمور بأخذ شكل آخر فالمال والسلطة تعني تسخير المحتوى السينمائي لمصلحة أصحاب السلطة المالية أو السياسية على حد سواء. يمكنك أن تدرك بدائية البدايات من الفوضى والصخب والمجون التي بدأ بها الفيلم، الكثير من الجنون والتوهج والحفلات الصاخبة والعالم المفتوح على آخره دون محاذير أو ممنوعات أو قيود؛ فالجنس والمخدرات بكل أنواعها هي أقل وأسهل ما يمكن أن يحصل عليه الشخص المتواجد في عوالم صناعة السينما، يهدأ إيقاع الفيلم تدريجياً ليتتبع الحياة البائسة لواحد من ألمع النجوم” جاك كونراد/ براد بيت” بعد أن فقد بريقه وبدأ يبحث عن أي مشهد صغير يقف فيه أمام الكاميرا من جديد ليستعيد نجوميته ولو أمام نفسه لكنه يصل لقناعة في آخر الأمر أن للنجم عمر سينتهي مهما حاول، وأن عمر نجوميته قد انتهى وعليه أن يستسلم لهذا، فيجد نفسه يخوض حياة هادئة رتيبة لم يعد قادراً على لفت انتباه أحد، وبعيد كلياً عن الصخب والكاميرات والأضواء والمشاهد الخالدة التي اعتاد عليها طويلاً، فيقوم بإنهاء حياته برصاصة واحدة. في الفيلم مسارات وحكايات مختلفة تصور التحول التصاعدي للصناعة السينمائية، لكنه يخلف لديك نوعاً من التشتت والإرباك مع وجود الكثير من الخطوط المتوازية والأحداث المتسارعة، كالنجومية المفاجئة “لمارجوت روبي بدور نيلي لاروي” ثم الانحدار السريع والسقوط في الهاوية، وبروز شخصية عازف الجاز “جوفان أديبو في دور سيدني بالمر” الذي رفض الشهرة والمال وفضل البقاء حراً بعيد كلياً عن الوسط السينمائي، لينتهي الفيلم نهاية مأساوية ينجو منها الشاب “دييجو كالفا في دور ماني توريس” من الاغتيال بقوة الحظ والذي سانده منذ اللحظة الأولى، هذا الفيلم مهرجان من الألوان والأصوات والأفكار وهو استعراض جريء لقوة هوليود والتي مازالت إلى الآن تفرض وجودها السينمائي على العالم، يمكن اعتباره فيلم دراما ساخر أو توثيقي بطريقة كوميدية، وهو من تأليف وإخراج المخرج الشاب “داميان تشازل”، يستحق المشاهدة.