أول سعودية تنال درجة الدكتوراة في تقييم المشاركة السعودية بمعرض اكسبو:
حنان العجاجي: غياب التنسيق المؤسسي على المستوى الوطني يضعف مشاركاتنا الدولية بالمعارض.
في عالم متغير تسوده التحديات والمتغيرات المتسارعة، تظل الهوية الوطنية حجر الزاوية الذي تنطلق منه الأمم نحو المستقبل. وفي هذا العدد، نفتح نافذة الفكر والإبداع مع الدكتورة حنان بنت سليمان العجاجي أول سعودية تقدم بحثا علميا أكاديميا عن معارض اكسبو ومشاركة السعودية فيها، والدكتورة حنان عبر نتاجها العلمي والعملي تجمع بين العمق الأكاديمي والرؤية الاستراتيجية، ونجدها فرصة لتناقش معنا محاور الهوية الوطنية وأبعادها، ودور الإعلام والمؤسسات الوطنية في تعزيزها، خصوصا ونحن نعيش احتفالات فوزنا بتنظيم كأس العالم 2034 وتكنا قبل احتفلنا بفوزنا بتنظيم اكسبو 2030. من خلال رؤيتها الثرية وتجاربها البحثية المتميزة، تأخذنا الدكتورة حنان في رحلة لاستكشاف القوة الناعمة للمملكة، وكيف يمكن استثمار المناسبات الكبرى، والتعليم، والإعلام الرقمي كوسائل فعّالة لتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ مكانة السعودية عالميًا. حوارنا معها يضيء نقاطًا عميقة، ويقدم رؤية شمولية تتجاوز التنظير إلى تقديم خطوات عملية لبناء هوية وطنية تنافسية.. ابقوا معنا في هذا الحوار الممتع والملهم، الذي يجمع بين الفكر الأكاديمي والطموح الوطني. *كيف تُعرفين الهوية الوطنية؟ وما دور الإعلام في صياغتها؟ - الهوية الوطنية تمثل الوعي الجمعي بالموروث الثقافي والتاريخي والقيم المشتركة التي تشكل شخصية الأمة وتمايزها. والإعلام لاعب رئيسي في صياغة الهويات وصناعة العلامة الوطنية للدول، والتي لا تتشكل إلا منخلال نافذة اتصالية وإعلامية مبنية على استراتيجيات شاملة وجريئة وتقنيات تسويقية مبتكرة، وعلاقات استراتيجية مستدامة مع وسائل الإعلام المحلية والدولية تعمل على إبراز هويتها التنافسية وتعزيز صورتها الدولية التي تعيد تموضعها كوجهة ترفيهية واستثمارية ورياضية وتعليمية وثقافية عالية الجودة في السوق العالمية والعمل على تحقيق أهداف طويلة الأجل مستمدة بشكل رئيس من رؤيتها الوطنية وسياستها الخارجية وقوتها الناعمة. بإشراك مجتمعاتها المحلية في صياغة رسائلها وقيمها الموجهة للمجتمع الدولي في بيئة اتصالية مبنية على الثقة والفهم المتبادل والشفافية والصدق والتعاون المشترك. *في رسالتك للدكتوراة حول جناح السعودية في Expo 2020، ماهي أبرز النتائج التي توصلتِ إليها بشأن دور المعارض الدوليةفي تعزيز الهوية الوطنية؟ _ أن المعارض العالمية تعتبر أحداثاً عالمية فريدة وأداة دبلوماسية تركز على صورة الدول وقوتها الناعمة، وتربط بين الثقافات المتباينة، وتروج للعلامات الوطنية للدول المشاركة فيها، من خلال تسليط الضوء على أفضل مناطق الجذب الاقتصادية والثقافية والسياحية للجمهور الدولي المهتم، وإبراز المزايا والهوية التنافسية للدول. من جانب آخر خرجت الدراسة بعدد من النتائج، من أبرزها ظهور العديد من قيم الهوية الوطنية في تغريدات الحساب الرسمي للجناح وتصدر بُعدَي الثقافة والسياحة بفارق كبير نوعاً عن باقي الأبعاد الرئيسة لمؤشر العلامة التجارية الوطنية، وأن رؤية 2030، شكلت إحدى أهم الركائز في الجناح السعودي كونه قدم تصوراً واضحاً للرؤية وعرض أهم برامجها، والمشاريع الرئيسة فيها لجمهور الزوار، وخلصت الدراسة إلى إمكانية تطوير العلامة الوطنية للمملكة العربية السعودية من خلال المشاركة في حدث دوليك معرض Expo دراسة جناح السعودية في “إكسبو 2020” أظهرت دور هذه الفعاليات في تعزيز الهوية، حيث تم استعراض رؤية 2030 ومكوناتها بشكل جذب اهتمام الجمهور الدولي، مما عزز الصورة التنافسية للمملكة عالميًا. *كيف يمكن الاستفادة من مؤشر “أنهولت لتصنيف الدول” في تطوير الهوية والعلامة الوطنية؟ - يوفر هذا المؤشر إطارًا لتحليل القوة الناعمة للدولة عبر ستة أبعاد رئيسية السياحة والثقافة والتراث، والصادرات والحوكمة، الاستثمار والهجرة، والأشخاص والسكان المحليون. توظيف هذه الأبعاد يتيح للحكومات تصميم سياسات ومبادرات تعكس هوية وطنية قوية، مع تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لإبراز هذه الهوية بطرق مستدامة ومؤثرة. * ما أهمية دور المؤسسات الوطنية في تعزيز الهوية الوطنية؟ _ المؤسسات الوطنية هي الحامل الأساسي للهوية الوطنية؛ حيث تنعكس قيم الهوية في رؤيتها ورسالتها وخططها الاستراتيجية وبرامجها، مما يضمن تكامل الجهود في إبراز العلامة الوطنية محليًا وعالميًا. *ما أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات في تحقيق هذا الهدف؟ _أبرز التحديات تكمن في غياب التنسيق المؤسسي على المستوى الوطني، مما يؤدي إلى ازدواجية الجهود وإهدار الموارد، بالإضافة إلى الحاجة لوجود إطار تنظيمي يوحد الرسائل الاتصالية ويضمن انسجامها, كذلك طول الاجراءات والمخاطبات في ظل عن عدم وجود مظلة حكومية موحدة تتابع وتنسق المشاركات في الأحداث والمناسبات الدولية، وتوحد الجهود بحيث تضمن تجنب الازدواجية والتعارض والهدر المالي، وترسم استراتيجيات ولوائح وأنظمة المشاركات والآليات المشتركة التنفيذ. *كيف يمكن تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم الهوية والعلامة الوطنية؟ _عبر بناء شراكات استراتيجية تُسهم في جلب رجال الأعمال المستثمرين، وتقديم العروض التي تستهدف السائحين الدوليين لتغير وجهاتهم إلى المملكة، ودعم الفعاليات الدولية والمشاركات المحلية واستثمارها، بما يعزز الهوية الوطنية، ويروج العلامة الوطنية في مختلف القطاعات. *كيف يمكن للمملكة استثمار المناسبات العالمية لتعزيز هويتها الوطنية؟ - توظيف المناسبات الكبرى كأداة تعريفية شاملة تعكس الهوية الوطنية عبر تصميم شعارات وعناصر بصرية مستوحاة من التراث المحلي، وألوان الطبيعة السعودية التي تعبر عن المعالم السياحية الرئيسة والمعالم الثقافية التي تميز السعودية عن الدول الأخرى. تجربة روسيا في كأس العالم 2018 أظهرت كيف يمكن استثمار التصميم الجرافيكي والعناصر الثقافية كأداة اتصالية مهمة في التعبير عن الهوية الوطنية، وتعزيز صورة الدولة عالميًا، وهو ما يمكن للمملكة استلهامه في فعاليات مثل “إكسبو 2030” وكأس العالم 2034. *ما الرسائل الرئيسية التي يجب أن تحملها المشاركات السعودية في الفعاليات الدولية؟ - يجب أن ترتكز الرسائل على القيم الإنسانية مثل السلام والتسامح والتعاون الدولي، مع التركيز على إبراز الرؤية التنموية والقدرات التنافسية للمملكة، بما يعزز من مكانتها كمساهم رئيس في إيجاد حلول للتحديات العالمية. *كيف يمكن التعاون بين الوزارات والجهات المختلفة، مثل وزارةالتعليم، والثقافة، والرياضة، لضمان تقديم صورة متكاملة عنالهوية السعودية؟ - تختلف نسب التعاون بين وزارات ومؤسسات الدولة حسب نوع الفعالية وجهة الاختصاص، لكن في الغالب في أي حدث يتم التوجيه بتشكيل لجنة عليا لتقديم التسهيلات والمشاركة حسب الاختصاص. في هذه الحالة يتم التأكيد على اللجنة الإعلامية في ملف الاستضافة على تضمين الهوية الوطنية في تصميم الحملة ورسائلها الاتصالية وتوحيد الهاشتاقات في الحسابات الرسمية المشاركة في الحدث، بحيث تسهل حصول جمهور الحملة المحلي والدولي على المزيد من المعلومات عن الهوية الوطنية السعودية وسماتها وعناصرها من خلال الروابط التشعبية المضمنة في رسائل الحملة، ليكونوا سفراء للتعريف عن السعودية عبر منصاتهم ومشاركة محتواهم وتجربتهم في المشاركة بمثل هذه المناسبات والفعاليات الدولية. *كيف تقيمين وضع التعليم في تعزيز الهوية الوطنية؟ - التعليم يمر بمرحلة تحتاج إلى إعادة صياغة لتصبح أكثر ارتباطًا بالموروث الوطني ومتطلبات المستقبل. لإن التركيز على استنساخ التجارب الأجنبية دون مراعاة السياق المحلي يقلل من فاعلية التعليم في بناء الهوية. تعليمنا قوة ضاربة في صناعة الأثر والتأثير لكن للأسف لا يتم استثماره كما يجب، ولا يوجد فكر واضح وبين للتفاعل مع بناء الهويات والعلامات الوطنية واستثمارها من خلالها، رغم كل ما يجده تعليمنا من دعم، لكنه للأسف لا يجيد تقديم نفسه جيدا، رغم وجود المبدعين والمبدعات في المجتمع التعليمي، لكنهم للأسف مغيبين بسبب عقول لا تعرف لتعليمنا جيدا! *ما دور الأنشطة المدرسية في غرس قيم المواطنة؟ - الأنشطة المدرسية هي منصة لغرس القيم الوطنية إذا تم توجيهها بشكل يتناغم مع القيم المحلية، سواء عبر أنشطة إعلامية، بيئية، أو ثقافية، تعزز انتماء الطالب لمجتمعه ولا بد من تضمين الهوية الوطنية في تصاميم المشاريع والبرامج والأنشطة المقدمة للطلبة بطريقة إبداعية من خلال المناسبات والأيام العالمية. *كيف يمكن للمعلمين دعم رؤية 2030 من خلال التعليم؟ - المعلمون يجب أن يتحولوا إلى شركاء في تحقيق رؤية 2030 عبر ربط المناهج بمبادئ الرؤية، وتشجيع النقاش والتحليل لدى الطلاب، بما يمكنهم من إدراك أدوارهم المستقبلية في بناء الوطن. للأسف دور المعلم محدود داخل الصف فقط، ولا تتاح له الفرصة لتقديم ما لديه في بناء الهويات ومواكبة الأحداث حواليه, رغم ما يتمتع به من مهارات وإمكانيات, لكنه لا يجد من يتبناها أو يمنحه الفرصة للانطلاق دون بيروقراطية معقدة ومحطمة! *كيف يمكن توظيف الإعلام الرقمي لدعم الهوية الوطنية؟ - عبر الدبلوماسية العامة من جانبين: المحتوى نفسه الذي ينتجه المستخدمون، أو المحتوى المقدم عبر المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين أصبحوا منصات تعريف عن السعودية في الخارج، ويشاركون في الأحداث الخاصة بالسعودية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. الإعلام الرقمي يوفر منصة فعالة لبناء سردية وطنية ديناميكية تصل لجمهور عالمي. يمكن تحقيق ذلك من خلال محتوى إبداعي يعكس عناصر الهوية ويستثمر في المؤثرين الرقميين لتوسيع دائرة التأثير. *ما دور الفن والإبداع في تقديم الهوية الوطنية؟ - الفن والإبداع هما أداة لصياغة الهوية الوطنية بأسلوب يجذب الجماهير المتنوعة. عبر الرموز الثقافية والأفكار المبتكرة، يمكن للفن أن يعبر عن الهوية بطرق تفاعلية تلهم الجمهور وتترك أثرًا طويل الأمد. بدون فن وفكرة إبداعية لا أستطيع تقديم الهوية الوطنية لقاعدة جماهرية متنوعة، تنوعت الأفكار والوسائل بحيث أصبح الجمهور انتقائي، لذا أدرس جمهورك واتجاهاته وتوقعاته واهتماماته، وكيف تأثر عليه أولاً اللي على أساسها اصيغ الفكرة المبنية على عناصر الهوية، وأرسمها كرموز ثقافية فنية وأقدمها من خلال مجموعة من الرسائل الاتصالية بصيغ متنوعة تخدم الهدف منها. *كيف يمكن صياغة سردية وطنية متكاملة؟ - بناء سردية وطنية يتطلب استثمار الفعاليات الكبرى كمنصات لإبراز العلاقة بين الماضي والمستقبل، كما حدث في جناح السعودية في “إكسبو 2020”، الذي قدم سردًا متكاملًا أبرز التنوع الثقافي والطبيعي للمملكة، مما ترك انطباعًا إيجابيًا لدى الجمهور الدولي. بتقديم رحلة متكاملة إبداعية ممتعة للزوار، من خلال رسائل واضحة تنعكس من خلالها الصورة الحقيقية لواقع السعودية الراهن والتنوع الكبير في مختلف مناطقها والعلاقة المتناغمة بين ناسها وطبيعتها المتنوعة؛ وكذلك تصميمه الإبداعي بداية من السلالم التراثية والتواجد في رحلة سمعية بصرية لمنطقة “الأرض والإنسان” وانتهاء بسلم الهوية التعريفي بمشاريع الرؤية. ------- حنان العجاجي.. سيرة ذاتية بكالوريوس كلية التربية جامعة الأميرة نورة | 1999 - 2000 ماجستير إعلام تخصص تربية إعلامية جامعة الملك سعود | 2016 دكتورة في فلسفة الاتصال والإعلام الرقمي جامعة الملك سعود | 2024 رسالة الدكتورة عن (دور المعارض الدولية في صناعة العلامة التجارية للمملكة العربية السعودية وفقاً لمؤشر أنهولت لتصنيف الدول.(NBI): جناح السعودية في Expo 2020 Dubai أنموذجاً- دراسة تحليلية وميدانية) خبرات العمل •مشرف عموم في وكالة تنمية قدرات الطلاب بوزارة التعليم | 1444حتى الآن •إعداد المشارع والحملات الإعلامية والتقارير الختامية لفعاليات وأنشطة وزارة التعليم وصناعة المحتوى الإعلامي (أخبار- تقرير- تحقيقات-دراسات بحثية) للموقع الرسمي لوزارة التعليم في الإدارة العامة للإعلام والاتصال بوزارة التعليم | 1432-1439 المؤلفات والمنشورات البحثية •ورقة عمل مقدمة في ملتقى التربية الإعلامية في ظل رؤية 2030 عن التجارب الدولية والعربية في مجال التربية الإعلامية 2018 •كتاب دور التربية الإعلامية في تدعيم القيم الاتصالية-2018 •بحث منشور “توظيف الإعلامين للتطبيقات الإعلامية في الهواتف الذكية لإنتاج ومشاركة المحتوى الإعلامي “مجلة كلية الآداب-مصر-2019. •كتاب النظريات وتطبيقاتها في بحوث الإعلام الرقمي “ويب المكتبات والألعاب الرقمية web3,0” (الوكالة العربية للعلاقات العامة-2020). •مؤلف مشارك في كتاب النظريات وتطبيقاتها في بحوث الإعلام الرقمي “ويب المواقع الإلكترونية web1,0”(الوكالة العربية للعلاقات العامة-2020). •مؤلف مشارك في كتاب (الإعلام الرقمي وثقافة الانترنت)2021 •بحث منشور “دور المعارض الدولية في صناعة العلامة التجارية الوطنية للمملكة العربية السعودية وفقًا لمؤشر Anholt لتصنيف الدول (NBI): جناح السعودية في Expo 2020 Dubai أنموذجاً” - دراسة تحليلية وميدانية-2023