شتاء عربي ساخن.

مع هذه التغييرات المتسارعة في المنطقة بات فصل الشتاء هذا العام أكثر سخونة من أي وقت مضى؛ الأحداث الراهنة باتت ترسم ملامح المنطقة للسنوات المقبلة، ملامح تبدو عربية أكثر مع قص أذرع إيران في المنطقة. كذلك الحوثي الذي دخل على مسرح الأحداث بصفاقة تكشف مدى الحمق السياسي الذي يفكر به؛ مما جعل مسألة إنهائه من الوجود حتمية استراتيجية ترسخت كقناعة الآن لدى جميع دول العالم. كل ما سبق يشكّل حزمة من الأحداث المتلاحقة التي ستشكّل منعطفاً حاداً في تاريخ المنطقة خلال السنوات القادمة. كانت زيارة رئيس الوزراء العراقي أيضاً للمملكة مؤشراً لتحرّك عربي تجاه ما يجري في سوريا؛ باعتبار المملكة المؤثر الأكبر في الواقع الجيوسياسي في المنطقة، كذلك وصول الوفود العربية والأجنبية إلى دمشق لبحث العلاقات مع القيادة الجديدة في سوريا، كل ذلك يلمّح إلى لحظة تفاؤل لمستقبل سوريا، ومعها المنطقة بأسرها. الإرادة العربية اليوم، عند الشعوب والقادة على السواء، باتت أكثر وضوحاً في الرغبة المعلنة لإنهاء نزيف هذه المنطقة من العالم، والبدء في صفحة جديدة في تاريخها. لقد حصلت اللحظة اليقينية عند الجميع بضرورة الاتجاه بصدق إلى المستقبل ونبذ التطرف والطائفية والمغامرات غير المحسوبة. على الأرض كانت تصريحات رئيس إدارة العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع ذات رسائل مهمة جداً حين تساءل عمّا يربط أهل الشام بأحداث وقعت قبل 1400 سنة؟! مبدياً انتقاده للمنطق الطائفي الذي جعل من سوريا ساحة انتقام على أحداث تاريخية لا علاقة للسوريين بها. كان هذا التصريح قد لاقى إعجاباً واسعاً لدى كثير من المتابعين المتطلعين لمستقبل أفضل للمنطقة، كما كشف عن الوعي الذي يتمتع به القائد الجديد الذي ظهر مؤخراً يرتدي ربطة العنق. إضافةً إلى تصريحات أخرى في سياقات متعددة توحي بأن القيادة الجديدة في سوريا تتطلع إلى مستقبل تنموي أفضل، وخصوصاً حين أشاد الشرع بالنهج السعودي في إدارة التنمية. خلاصة القول إن الفترة القريبة القادمة ستحمل معها الكثير من التغيير الحاد في واقع المنطقة ومستقبلها. لكنه تغيير إيجابي هذه المرة، وفي ذات الوقت، ستقوده المملكة العربية السعودية التي تشكّل الآن الرافعة الضخمة لنهضة بقية الدول العربية.