«سرابٌ حقيقيٌّ وموجٌ مُسطَّرُ»
كخاطرةٍ في حَفنةِ الماءِ أهدِرُ أشقُّ لمجرايَ السبيل وأحفِرُ على جبلٍ أسعَى وأنظُرُ مِن عَلٍ إلى النبعِ يَنمو فوقَ جِلدي ويَنخَرُ على جسدي شُطآنُها وسماؤها برأسي مُدلَّاةٌ، بعينيَ تُمطِرُ هروبًا من الموتِ الذي دَسَّ بابَهُ على سِكَّةِ القُضبانِ؛ فارتابَ مُنذِرُ.. صعودًا مع الموتِ الذي حلَّقَت به نجومٌ عناقيدٌ، وما كدتُ أسكَرُ.. أُسمِّيكِ مَجرًى بالعُروقِ ورِحلةً مَجازيَّةً كالموتِ إذ يَتكرَّرُ أسميكِ حبًّا كاملًا ومُتممًا فراغيَ إذ أخلو إليه وأُقبَرُ أكنتُ صبيًّا ليلةَ الأمسِ مُذ بَدَا نُجَيمي وسيمَ الخَطوِ، في الغيمِ يُزهِرُ أكانت لياليهِ امتدادًا لنَظرةٍ يُراودُها عن نفسِها ويُنَظِّرُ؟ أفقتُ على وجهِ الغيابِ حبيبتي يُحاولُ أن يَنأى بنا ويُزمجرُ بلافتةٍ أهدَى الزمانَ حكايةً (سرابٌ حقيقيٌّ، ومَوجٌ مُسطَّرُ) - لهذا تُواري أغنياتَكَ.. تُنكِرُ؟ بماذا احتفلنا ليلةَ الأمسِ.. تَذكُرُ؟ - أجل! وكأني حَفنةٌ تتقطرُ كأني على مَرأى غدي أتبخَّرُ كأنَّ الذي بيني وبينَكِ عُشبةٌ كأنّا هُنا مُذ لوَّنَ الأرضَ أخضرُ كأنَّ الحياةَ الآنَ محضُ تَذكُّرٍ كأنّا على مَتنِ القصيدةِ نُبحرُ *** وأذكرُ أنّ البحرَ نامَ حبيبتي وغَطّتْهُ أنفاسٌ بنا تتحدَّرُ وأنّ بلادًا تستحمُّ بلَيلِنا وتَضحَكُ للحُلمِ المُبينِ وتَظهرُ وشعبًا -على ما يَنبغي- كان صادحًا يُغنّي لأمجادِ الحياةِ ويَكبُرُ ونهرا سعيدًا كان يمنحُ ظلَّهُ ويُورقُ أغصانَ الصغارِ ليُثمرُوا وصفصافةً كانت تُطَمئِنُ جَارةً لخَوفٍ من الآتي وحربٍ تُدبَّرُ لهذا تكونُ الأغنياتُ حبيبتي ولكنَّ صاروخًا من الصوتِ أقدَرُ غَفَونا ولكنْ شبَّت النارُ فجأةً بمخدعِنا واستيقظَ الحُلمُ يُخبِرُ عن البيتِ ينأى في انتظارٍ ولَوعَةٍ عن الربِّ يَعدو في الغيابِ ويَنظُرُ عن الأمسِ مُذ كان الصديقَ بقُربِهِ عن الشمسِ مذ ولَّت وعادَت تُنفِّرُ رأيتُ سُجونًا من هواءٍ مُعتَّقٍ ونافذةً من أغنياتٍ تُؤطَّرُ رأيتُ بلادَ اللهِ سلعةَ عَصرِها وحُريةً قَدرَ التملُّكِ تُحصَرُ هناكَ بنصفِ الحُلمِ تَحنُو طبيعةٌ ويَعوي هُنا ذئبٌ بوَصلِكِ يَكفُرُ أُحدِّثُ عنكِ البحرَ ساعةَ مغربٍ ويَشحذُني من زُرقَةِ الأمسِ دفتَرُ فمن لغةٍ لا تعرفُ الوقتَ جئتِني وجئتُكِ مَحمولًا بما لا يُفسَّرُ *** أحبُّكِ، لو ينسَى المُسافرُ حربَهُ لآنستُ نارًا في المدائنِ تُشهرُ أحبُّكِ حيثُ الليلُ حولَكِ يَسهَرُ أحبُّكِ لم أختَرْكِ.. كيف أُخيَّرُ؟! غريبٌ وحرٌّ كيفَ عاشَ حياتَهُ يُصيبُ رُؤاها حيثُ تَحنُو وتَهجُرُ؟ أُسمِّيكِ يا أحلى القصائدِ كذبةً أُحاولُها صِدقًا، بذلكَ يُغفَرُ ويَكفي كثيرًا أنَّ بابًا طرقتُهُ إذا بصَدَى الإيقاعِ بالقلبِ يَنقُرُ وأنَّ التي لم تأتِني أهدرت دمي فسالت جُموعٌ قبلُ لم يَتَحرَّرُوا وأنَّ أغانيَّ الحَيارَى أحَطنَني وهِمنَ شُموعًا، والليالي تُدَثِّرُ أكُنَّ ظلامًا بعضُهُ فوقَ بعضِهِ؟ أيَعلو بنا الموجُ الجسورُ ويَمكُرُ؟ – حبيبي.. صباحُ الخير.. كُنتَ تشُدُّني إليكَ، وتَهذي، أنْ أراحَكَ خنجَرُ – كأنّي انتهيتُ الآنَ قبلَ هنيهةٍ وتلكَ يدُ الذكرى خلاليَ تعبرُ كأنّي احتضنتُ العُمرَ فيكِ حبيبتي وعُمريَ مَهما طالَ قُربَكِ يَقصُرُ! *شاعر مصري