الريحان.. الذهب الأخضر.

من منا لا يعرف الريحان، تلك النبتة الصغيرة ذات اللون الأخضر الزاهي والرائحة العطرية النفاذة، التي بالرغم من صغر أوراقها إلا أنها تمتاز بالكثير من الفوائد من ناحية، وتمثل جانبًا جذابًا من جوانب الموروثات الشعبية عند أهالي الجنوب من ناحية أخرى، وبالأخص عند «نساء زهران» تبدأ رحلة -الذهب الأخضر- من أحواض الزرع في ساحة كل منزل في القرية، حيث تتناوب نساء المنزل على الاعتناء به منذ منتصف فصل الربيع وحتى اقتراب الشتاء. وما إن تتفتح أزهاره وتنمو أوراقه حتى تقوم إحداهن بقطفه وتقسيمه، فتضع جزءًا منه في أنحاء المنزل لتزيينه ولتملأ رائحته العطرة المكان، بينما تحتفظ بالباقي بتجفيفه لتستفيد منه لاحقًا. ولم تقتصر استخدامات -الذهب الأخضر- على تزيين المنزل وتعطيره؛ بل كان أيضًا أحد مظاهر الاحتفال، إذ لا يخلو تجمع لنساء القرية منه. فهو يُهدى في المناسبات بترتيبه بشكل ساحر في سلةٍ صنعت من سعف النخيل يطلق عليها «الزبيل» ليكون بمثابة باقة الورد في وقتنا الحالي، ويُستخدم كذلك كزينة شخصية والتي يطلق عليها “الغراز” حيث يُثبّت الريحان خلف المنديل الأصفر على الرأس، ويُنثر على العروس في زواجها، وتوزعه الجارات فيما بينهن في «المسايير» (زيارات فترة العصر) وغيرها من المناسبات الرائعة والتي يزين الريحان -الذهب الأخضر- جميع لحظاتها. لم تندثر هذه العادات الطيبة؛ فقد توارثتها الأجيال، وما زال الريحان حتى اليوم رمزًا من رموز التراث الأصيل في منطقة الجنوب الذي نفتخر به. إثراء:  قال رسول الله ﷺ: “مَن عُرِضَ عليه ريحانٌ، فلا يردَّه؛ فإنَّه خفيفُ المَحمِلِ، طَيِّبُ الرِّيحِ”، رواه مسلم. * قسم التاريخ والتراث جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل