يحمل الفنان بذرة المشاعر وتراكمات الانتماء التي ينمّيها يصقلها فتشكّل مساره، لتصبح أكثر اشراقا وثراء، وذات أبعاد مألوفة في تكامل العناصر الحسية والمفهومية، وهو ما يحدث مع تجربة الفنانة التشكيلية ميساء سليمان في لوحاتها، ففي معرضها الشخصي الأول “ عبور “ المقام في حي جاكس فهي تعيد قراءة مشاعرها وفق تكوين عناصر لها قد تبدو اعتيادية ولكنها توظّفها بين الأصل والحنين والرحيل والخوف، فتقع على رؤاها في خطوطها ومنحيانتها في كثافة اللون وفراغاته. اللوحة التي تحملها في تعبيرها عن الأصل مثلا تجادل لغة الذات أولا ومنها تغوص إلى الجذور الأولى بين الأرض والطموح تحلّق بالخطوط في مساحة حرّة قد تبدو داكنة أو مثل هيكل أساس تحطّ عليه وتنطلق في العلامة الأيقونية وهندستها في التراث، في الثقافة الأصيلة لتقول للمتلقي من هنا كانت البداية بداية السؤال وبداية الشغف وروح الأصل الأصيل في حضوره المستمر. تركّز ميساء على المشاعر في فعل وجداني حقيقيّ محفوف باللون المتكامل مع تلك الظلال التي توجّه حدّة المشاعر ضجّتها أو هدوءها استفزازها أو سكونها بين الرحيل كفكرة تعيد تراكم الشجن والحنين في تسطيح اللون والصورة المشحونة للأمكنة ومشاعر الحنين فيها فيبدو المكان والحنين بشكل غير منفصل وكأنه لقاء السؤال والجواب معا في رؤى تجريدية حسيّة. يبدو الاشتغال الفني لسليمان كثيفا ومتداخلا بين الأمكنة والأزمنة والروائح والمشاعر كلها تهبّ في زوايا لا تمسّ الفنانة وحدها بل تشتعل أيضا في وجدان المتلقي مرتّبة بالذاكرة العامرة بتفاصيل جمالية. رغم المساحة التي تسطّحها داكنة أو بيضاء وتركّب عليها خطوطها العاصفة أو المتكسّرة والمنحنية إلأ أنها لا تغرق العمل في شجن الماضي بل تعطي مساحة دقيقة من خلال الفراغ حتى تطلق آمالها ورؤاها وتشبّثها وانتصارها لذاكرة تتحدى الخوف بالقبض على الحنين في الأصوات في الذكريات في الثابت الحقيقي بعيدا عن هشاشة الافتراضي اللامحسوس توظّف اللون كمناعة تحمي الكائن والكيان من هشاشته وخفّته أمام واقعه. عن المعرض: فهو يصف حالات العبور التي يقف عندها شعور سرمدي يترك أثراً دائماً في ذاكرتنا لا يتلاشى مع مرور الزمن بل يجعلنا نقف شاهد عيان مستبصرين ومراقبين لعبور شعور متشابه فيما بيننا رغم الاختلاف. يذكر أن الفنانة ميساء سليمان شاركت في العديد من المعارض الجماعية داخل وخارج المملكة منها الدمام وجده دبي واسبانيا وبروكسل، وشاركت في معرض رباعي العام الماضي، وورشة في المودرن ارت من جامعة سانت مارتينز.