رسالة من طفلة التل
شكراً لكل الواقفين على الحياد أمام جثتي المتينة شكراً لكل الصامتين أمام نعشي وأمام أشلاء المدينة شكراً لمن سحقوا غصون البرتقال ولوحوا بالسلم نادوا بالتريث و السكينة شكراً كثيراً للذين تأنقوا في الدمع من حملوا المشاعل من أقاموا شاهداً للقبر من مدوا سراديق العزاء ومن أقاموا باسم موتي للكلام موائد الخوف العظيمة شكراً لأشكال الهزيمة كم شئت أن يتمهل الجلاد في قتلي لأكتب للحمام وصيتي كم شئت أن أخطو تجاه الموت واثقة ولكن الرصاصة لم تدع لي فرصة لعناق أمي أو لإلقاء السلام على أريكتي الصغيرة كم شئت أن أمضي لوحدي دون أية ضجة لكنهم قتلوا معي الآلاف حتى لم يعد للرقم أية قيمة في دفتر التدوين كانوا في الإبادة حازمين ومنصفين كم شئت أن يتناقل الإعلام «موتتي» الأخيرة أن يقال بأنها رحلت لتبتاع الآمان لغزة وتكون قرباناً لآلاف السنابل كم شئت أن أغدو بكل محطةً خبراً فداءً للطفولة و الثواكل لكنهم كتبوا بأسفل صورتي : هي لم تمت جراء غارتنا ولكن: جوعها الممتد قاتل الآن أمضي للجنان خفيفة كالنقش لا أخشى من البارود لا أخشى عواء الحرب في ليلي ولا أخشى تمزق إخوتي خلف التلال لأنهم صعدوا جميعاً واحتفت بهم السماء الآن من فوق الغمام أقول للأرض الشهيدة شاحب وجه الحقيقة والذين يحدقون هناك في موتي ستغرقهم دمائي ستعافهم كل البلاد وسوف يحرقهم بكائي وسينزفون كما نزفت ويسقطون بلا ارتقاء الآن يا طعم الكرامة سُلم جسدي وأجنحة دعائي الآن يولد من رماد البنت رشاش و مدفع والآن غزة فوق أكتاف المدائن سوف ترفع والآن لا نخشى من الطوفان فالطوفان أوجع والآن تمتلئ الحياة بموتنا والموت أشجع ..