على مسافة حوالي مئة كيلومتر عن العاصمة السورية دمشق جنوباً تتوضع مدينة السويداء وهي عاصمة جبل العرب ومركز محافظة السويداء التي يتبع لها العديد من المناطق والنواحي، حيث تتمتع بموقع سياحي وطبيعي فريد يتنوع ارتفاعها عن سطح البحر من 600حتى 1800مترا، وتتميز بتنوع تضاريسها وتلونها من سهول وصبات بازلتية وغابات طبيعية وبوادٍ وتشرف على سهل حوران، ولذلك نشاهد تنوعاً بمناخها وطقسها وهو غالباً لطيف برطوبة قليلة. أحبت أسمهان مدينتها وقررت بناء منزلها هناك بطراز معماري متميز وبدعم من زوجها ابن عمها حسن الأطرش، وكان لها ذلك حيث جاء المنزل التي أشرفت على بنائه حتى اكتمل تماماً تحفة معمارية جميلة، قامت قبل حوالي عشرين سنة وزارة السياحة السورية باستملاكه بغية تحويله إلى متحف خاص بأسمهان وشقيقها فريد ومبدعي جبل العرب من أدباء ومطربين ـ وكان مصادر الجهة المستملكة قد ذكرت أنّ المنزل التي تشغله حالياً إحدى الجهات الحكومية سيتم تأمين البديل لها للقيام بمشروع ترميم المنزل وإعادته كما كان عندما شيدته أسمهان وسيوظف البيت بشكل ثقافي فني سياحي توثيقي، حيث سيكون هناك مسرح في الهواء الطلق لتقديم الحفلات الموسيقية والأمسيات الأدبية والثقافية والعروض التي تذكّر الجمهور بتراث الراحلين أسمهان وفريد الأطرش وفهد بلان سيطلق عليه(بيت عمالقة الفن الأصيل)، كما سيضم متحفاً لتراث أسمهان ومتحف الموسيقا الخاص بشقيقها فريد الأطرش، وسيكون مشابها لمتاحف المشاهير كمتحف أم كلثوم وأحمد شوقي في مصر. إنّ تفاصيل المنزل وفنون عمارته وتاريخه تؤكد أنّ بيت(أسمهان)عبارة عن منزل سكني( فيلا )مؤلف من قبو وطابق أرضي، وطابق أول بناؤه من الحجر مع أسقف مائلة في الأعلى مكسوة بقطع الآجر الأحمر تبلغ سماكات الجدران في القبو 70سم وتتراوح بين 40-50سم في الطوابق العليا ولا زالت الجدران والنوافذ الخشبية وأحواض نباتات الزينة على حالها منذ تأسيس هذا المنزل. تبلغ مساحة العقار مع المنزل( 1534) متراً مربعاً تضاف إليها مساحة الحديقة المقتطعة منه بمساحة 2366 م2 والتي تمت الموافقة عليها على استخدام أرضها من قبل وزارة السياحة كحديقة ملحقة بالمنزل، يرتفع منسوب الطابق الأرضي مقدار سبع درجات عن الأرض الطبيعية ويضم صالة وسطية كبيرة تتضمن درج دائري يؤدي إلى الطابق الأول ، وتوزع إلى الغرف الجانبية والخلفية التي كانت تستخدم أحدها لمطبخ للمنزل، في الجهة الخلفية للمنزل يوجد (فيراندا) مسقوفة أيضاً، أما الطابق الأول، فيطابق في شكله العام مسقط الطابق الأرضي مع بعض التعديل حيث تتحول الفيراندا الأمامية إلى غرفتين مع ترك بلكون صغير بينهما تظهر على الواجهة الرئيسية ووجود غرفة صغيرة ملحقة بالغرفة الجنوبية الشرقية وتبرز عن الواجهة الرئيسية بمقدار 120سم تقريباً وهي عبارة عن بوفيه صغير، أما الأسقف فهي عبارة عن أسقف اسمنتية مسلحة لكل الطوابق وقد أضيف السقف الأخير المائل والمكسو بقطع الأجر الأحم. وفي مشروع توظيف البيت هناك دراسة جاهزة من قبل الجهة المستملكة للبيت حيث سيتم توظيف الطابق الأول كمتحف خاص بالفنانة أسمهان، أما الطابق الأرضي فسيكون متحف الموسيقار فريد الأطرش والتراث الفني والأدبي في محافظة السويداء، أما الحديقة الملحقة بالمنزل فستكون مسرح في الهواء الطلق. يعتبر هذا البيت الذي بني على الطراز المعماري الفرنسي من البيوت التاريخية لعدة أسباب منها المكانة القيادية التي كان يحتلها زوجها حسن الأطرش في فترة بنائه من قبل أسمهان حيث كان زوجها محافظاً للسويداء بين أعوام( 1936 –1948) بالإضافة إلى أنّ طراز البيت يعتبر أحد نماذج العمارة الفرنسية أبان الانتداب الفرنسي لسوريا حيث يقع في منطقة تدعى الحي الفرنسي القديم ويجاوره العديد من البيوت القديمة ذات الطراز الفرنسي والطابع المعماري المميز من حيث الفخامة والاتساع ويطل على ساحة تسمى ساحة الشهداء، ويجاور المنزل الفندق السياحي في السويداء ذو التصميم الفرنسي أيضاً ولكن نُفذَّ الفندق بخبرات المهندسين المصريين أبان عهد الوحدة مع مصر. سيرة فنية .. في 25نوفمبر عام 1912 ولدت (آمال فهد الأطرش)على متن باخرة كانت تقل العائلة من تركيا إلى بيروت بعد خلاف وقع بين الوالد والسلطات التركية، بقيت العائلة في بيروت حتى سنة 1920عند بعض الأقرباء في حي السرّاقة، ومن ثم انتقلت إلى جبل العرب حيث توفي والدها فهد الأطرش سنة1924، فتزوجت ابن عمها حسن الأطرش وأنجبت منه خلال سنوات الزواج التي استمرت من 1933 إلى 1939، بنتاً أسمتها(كاميليا)لكنها بعد أن انفصلت عنه، عادت وتزوجت منه بعد سنوات، في الثالث من تموز عام 1941، بعد أن قررت اعتزال الفن والتفرغ للسياسة والأسرة والذي لم يحدث لاحقاً. وفي شهر يوليو(تموز) من عام 1944 توفيت المطربة(آمال الأطرش)المعروفة باسم(أسمهان)شقيقة الموسيقار والمطرب الراحل (فريد الأطرش)في حادث مأساوي غامض بالقاهرة حيث كانت تقيم، حيث توفيت في الثامنة من صباح الجمعة 14/7/1944مع رفيقتها (ماري)إثر غرق السيارة التي تقلهما في فرع من فروع نهر النيل. والمطربة أسمهان ـ حسب العديد من الباحثين والمهتمين ـ صاحبة صوت متلألئ يأسر القلوب بشحناته القوية، وانحناءاته المفعمة بالدفء والحنان والشجن، بل قدرته على بصم أي لحن ببصمته، وتغليف الأنغام بخصوصيته، وإصباغ الصفة الدرامية الشجية عليه. صوت جمع الرخامة مع الرقة بأصالة فيها من الشرق كل الأسرار ومن الغرب تقنية الأداء بفرادة ساحرة أغنتها ألحان الكبار حمل كمّاً من الصفات التي كان يوصف بها، صوت متكامل العناصر، وموهبة إلهية قلّما يهبها الله لحنجرة ما. غنت أسمهان للعديد من الملحنين إلا إن أكثر الألحان التي غنتها كانت من نصيب شقيقها فريد الأطرش:(نويت أداري آلامي) 1937،(عليك صلاة الله وسلامه) كلمات بديع خيري، وفي فيلم(انتصار الشباب)عام 1941، لحن لها: (يلّي هواك شاغل بالي، يا ليالي البشر)، كلمات يوسف بدروس، و(كان لي أمل) لأحمد رامي، (يا بدع الورد) لحلمي الحكيم، (إيدي ف إيدك)، (الشمس غابت أنوارها) لأحمد رامي، كذلك (أبريت انتصار الشباب) لأحمد رامي. وفي فيلم(غرام وانتقام)عام1944 غنت لشقيها فريد (ليالي الأنس)كلمات أحمد رامي، (أنا أهوى)لمأمون الشناوي، وموال (يا ديرتي) لبيرم التونسي.