نحو كتب في الشوارع.

هناك انخفاض في أعداد القراء ونسبهم على الصعيد العالمي عمومًا، يزيد أو ينقص من بلد لآخر حسب ظروف كل بلد. ويعود ذلك إلى تغير المزاج الأدبي والثقافي والقرائي لدى الناس عمومًا، مدفوعًا بتنوع وتزايد الخيارات لديهم، وأهمها وأولها الخيار الرقمي؛ من وسائل تواصل وألعاب إلكترونية وتلفاز بما يتضمنه من محطات مدفوعة بها آلاف بل عشرات الآلاف من خيارات المشاهدة للأفلام والمسلسلات بمختلف اللغات، علاوة على البرامج الأخرى المتنوعة. وقد دفعت هذا الأمور الناس إلى الابتعاد عن القراءة الجادة، وإن توجهت إليها فإنها تتوجه نحو السطحي منها، أو ما يوفر المتعة السريعة بعيدًا عن الفائدة الحقيقية، التي نقصد منها قراءة الكتب المفيدة حقًّا، ومنها أمهات الكتب في مختلف المجالات، خاصة لصغار السن أو المبتدئين في عالم القراءة. ومما يُنصح به لدفع الناس نحو مزيد من القراءة ألا ننتظر الناس حتى يتوجهوا نحوها، بل نذهب إليهم؛ بالمعنيين الحقيقي والافتراضي. فينبغي ألَّا تكتفي المكتبات بالبقاء في مبانيها ودعوة الناس للقدوم والقراءة، وهو أمر جيد بحد ذاته؛ لكن أن تذهب إليهم في أماكن تجمعهم، حتى إن كان مجمعًا تجاريًّا أو فعالية سياحية أو حتى مدارس ودوائر حكومية، بما لا يؤثر على سير أعمالها. أما المعنى الآخر لذلك فهو التكيف مع رغبات الجيل الجديد المتعلق بالأجهزة الذكية، وجعله يتوجه نحو القراءة باستخدام تلك الأجهزة. ومن الأفكار الجميلة في هذا الصدد توفير إمكانية القراءة أو الاستماع إلى بعض الكتب أو القصص في الحدائق والأسواق والمجمعات التجارية أو على المقاعد في الشوارع ومضامير المشي، وذلك باستخدام رمز الاستجابة السريعة (QR code) المربوط بمواقع خاصة بالكتب، حيث يمكن ذلك باستخدام الأجهزة الذكية العادية المتوفرة في أيدي الجميع. ولا يتطلب ذلك من الجهات المسؤولة سوى اختيار الكتب والحصول على حقوق نشرها ثم السماح للجميع بقراءتها. وكم هو جميل ورائع أن نجد أبناءنا يستخدمون أجهزتهم الذكية لقراءة نصوص مفيدة بدل اكتفائهم بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية التي تستنزف الأوقات بفوائد بسيطة.. إن وجدت. * من الجيد أنك تقرأ. اكتسب عادة القراءة، فسيحين الوقت الذي تعرف فيه قيمة هذه العادة. الكاتب الروسي أنطون تشيخوف