مواقفنا التاريخية مع فلسطين.
طوال تسعة عقود مضت ظلت مواقف المملكة العربية السعودية مع فلسطين واضحة، منذ أن أسدى المغفور له الملك عبدالعزيز للفلسطينيين نصيحة ثمينة، وعرفت قيمتها لاحقاً، حين أشار عليهم ألا يخرجوا من فلسطين، وأن يقيموا مخيماتهم فيها، ثم تتابع الملوك من بعده دعماً لا محدوداً لهذه القضية، حتى قال الملك فيصل رحمه الله: «أرجو ألا يقبضني الله قبل أن أصلي في الأقصى». وهكذا ظلت المواقف المشرّفة تتابع بعد ذلك، فمن (مبادرة فهد) عام 1981 والأخرى في عام 1982 في قمة فاس بالمغرب، إلى مبادرة السلام العربية عام 2002، في القمة التي أطلق عليها (قمة محمد الدرة)، وما تلاها بعد سنوات، في بداية حكم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي أطلق اسم (قمة القدس) على قمة الدمام، إلى الكثير من تلك المبادرات والمواقف الموثقة عبر التاريخ. تأتي الحرب الأخيرة على غزّة في قمّة انشغال المملكة بمسابقة الوقت لتنفيذ برامجها التنموية التي لا يكفّ المشككون في جدّيتها عن الحديث اليومي عنها، ومع ذلك، فقد نحّت المملكة مصالحها الجيوسياسية في المنطقة مؤقتاً، ووقفت – كعادتها – طوال تاريخها، في ذات الموقف الثابت من حقوق الشعب الفلسطيني، ملوّحة بإيقاف كل تلك التفاهمات الإقليمية ما لم يتوقف العدوان على غزة. الحرب على غزة هذه المرة ليست كسابقاتها، وفيما يبدو ستكون منعطفاً مهماً جداً في تاريخ القضية الفلسطينية. لقد بات العالم أكثر اقتناعاً اليوم بضرورة حسم هذه القضية النازفة منذ عقود. إلا أن افتراض السيناريوهات الممكنة الآن قد يكون سابقاً لأوانه، ولكن من المؤكد أن العمل سيتسارع خلال الأشهر القادمة، وفي كافة الاتجاهات، لترتيب الأوراق للبدء في إعداد خارطة طريق جديدة يمكن أن تعطي الحل الحاسم.