اللغة والتكيف مع التحديات الطارئة.

أسماؤنا العربية لقاؤنا الأول بهويتنا التاريخية، فاللغة العربية لاتحتاج إلى المدائح أو المراثي أو الحفاوة المؤقتة أو المبادرات الانتهازية، هذه اللغة الخالدة لغة القرآن الكريم، قال الله تعالى :   {بلسانٍ عربيّ مُبين} {إنّا أنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}  ويأتي شعار مناسبة اليوم العالمي للغة العربية بعنوان (اللغة العربية والذكاء الاصطناعي) وشعار تعزيز الابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي،  لنحتفل بواحدةٍ من أهم اللغات الحية في العالم، ذات تاريخٍ  طويل بين دفتي الكتب وتأثير كبير في الثقافة والعلم والأدب والمعرفة، منذ العصر الجاهلي وشمس المعلقات السبع وفصاحة العرب، حيث الأدب وفضاء الشعر بأنواعه،  ومروراً بالعصور الأدبية المتتالية وظهور علم البلاغة مثل البديع والبيان والمعاني،  وجماليات فنون النثر، ليأتي شعار الذكاء الاصطناعي هذا ا العام ويتيح فرصاً جديدة للتفاعل اللغوي و تعزيز التواصل والتفاهم بين الثقافات المختلفة عبر أدوات الترجمة والتفاعل اللغوي،  ومع ذلك وفي خضم الثورة المعلوماتية والذكاء الاصطناعي نجد أن العقل  والخيال في تفاصيل البشر أكثر قدرة على الإبداع وعلى فهم اللغات وإنتاج المحتوى بطريقة تفوق الآلة بكل جدارة، فهناك حاجة مستمرة إلى دعم اللغة العربية وتطويرها دائما  لتتمكن من التكيف مع التحديات الطارئة وتستفيد من المزايا التي توفرها التكنولوجيا الحديثة،  فالعربية لغة المُعجزة ذات البلاغة الآسرة، والبيان الفاتن في مفرداتها، وصورها، وبحر كلماتها، وسعة معاجمها، وتراكيبها، فنجد الشاعر حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول : «لساني صارمٌ لا عيب فيه  وبَحري لا تُكدّره الدِّلاءُ» ويقولُ الشاعر حافظ إبراهيم :  « أنا البحرُ في أحشائهِ الدر كامنٌ  فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي»  اللغة العربية لُغة البناء الثقافي واللغوي للأمم، ولغة التقارب الإنساني بين الشعوب، ومن اللغات الجميلة التي اجتمع فيها جمالُ الخطِ، وعذوبةُ الصوتِ، ووفرة الألفاظ، ودقة المخارج، والسَّعة المعجمية، وعراقة تاريخها، وجمال حرفها، وقدرتها على مدّ الجسور وربط الشعوب، هذه اللُغة التي من جمال لُطفها ألَّا يُقالَ للقلب فيها (فؤاد) إلاّ إذا سكن الحُب فيه، وفعلا أضحت تسكن صدورنا، وارتسمت جذور حروفها في راحة أيدينا؛ فأضحت قُرّة العين،  وهواء الروح اللطيف في تفاصيل أيامنا، ونتوق أن نحترمها بالاستخدام في التواصل، والتخاطب، والتعليم، والبحوث، والمشاريع التجارية. تحتاج إلى معلمين، ومتخصصين، وفتيةٍ،  آمنوا بأهمية اللغة العربية؛ ليزدادوا إيماناً، وصدقاً في خدمة لغة الضاد التي نزلت على خاتم الرُسل عليه الصلاة والسلام ورسالة السماء وعمارة الأرض، ونتطلعُ إلى برامج، وبحوث  ، وثقافة تعالج الضعف اللغوي، والعزوف عن تعلم اللغة واستخدامها، تؤطر تأطيرا علميًا، لا مجرد ألفاظ تنطقها الألسن، وتحسين العودة للكتابة، والإملاء،  والخط، ومهارات التعبير في مراحل التعليم الأول ؛ لنصنع جيلًا قادرًا على بناء المستقبل، وتكوين الشخصية، فاللغة العربية لم تسقط (سهواً) بين المتحدثين بها، بل ترتفع (زهواً) وجمالاً في كل يومٍ وبكل فخر . * ماجستير في اللغة والإعلام