الأمن الوطني.. ركيزة الاستقرار والتنمية.

حاجة الإنسان للأمن، تُضاهي في أهميتها حاجته للمأكل، والمشرب، والمأوى. حيث صَنَّفَ عالم النفس الأمريكي “إبراهام ماسلو 1908م -1970م” في نظريته الشهيرة للدافعية الإنسانية التي أخذت شكل “هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية” إلى (أن الأمان يقع في المرتبة الثانية بعد الاحتياجات الفسيولوجية، مما يدل على أهميته القصوى في تحقيق الاستقرار النفسي، والاجتماعي للإنسان. فعندما يشعر الفرد بالأمان، فإنه سوف يستطيع التركيز على تطوير نفسه، وسيتمكن من السير بعزيمة وحماس لخدمة مجتمعه، أما في حال غياب الأمن، فإن الإنسان بدون أدنى شك سيعيش في حالة من القلق والخوف الدائمين، مما يُعَطِّل قدراته على الإنتاج ويعوق ذهنه عن الإبداع. يُشَكِّل الأمن واحدًا من أقوى الركائز الأساسية التي تستند عليها حياة المجتمعات السليمة والمستقرة، فلا يمكن الحديث عن ازدهار اقتصادي، أو بناء تنمية اجتماعية، أو إحداث نهضة ثقافية، دون وجود بيئة آمنة، تحفظ الحقوق، وتُعزز الثقة بين أفراد المجتمع، ومؤسساته المتعددة. الأمن بمفهومه الشامل لا يقتصر على الجوانب الجنائية أو العسكرية فحسب، بل يغطي جميح مناحِ الحياة، الاقتصادية، والغذائية، والصحية، وكذلك الفكرية، والسيبرانية. الأمن هو المحرك القوي لعجلة التنمية، فلا يمكن لأي مجتمع أن يحقق تقدمًا اقتصاديًا في ظل انعدام الأمن، حيث يؤدي الخوف إلى تعطيل الاستثمارات، ويتسبب بهروب رؤوس الأموال، وانخفاض الإنتاجية. وعندما يتوفر الأمن، تزدهر بيئة الاستثمار، وتنشط الحركة الاقتصادية في كافة المجالات، وفي جميع الاتجاهات، وبالتالي تتوفر فرص العمل الكريمة، مما يرفع مستوى المعيشة، ويُقلل من معدلات الفقر، ويقطع أسباب الجريمة. وعلى الصعيد الاجتماعي، يُسهم الأمن في تعزيز عُرى الروابط بين أفراد المجتمع، ويُخفف من مظاهر التوترات، ويجفف منابع الخلافات. كما أن الأمن يشكل ضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات، ويُعتبر أساسًا لبناء أنظمة العدالة التي تضمن المساواة بين الجميع. إن الأمن مسؤولية جماعية، ولا يقتصر تحقيق أهدافه، وإنجاز مدركاته على الجهات الرسمية، بل هو مسؤولية جماعية تشمل كافة أفراد المجتمع. فالفرد الذي يلتزم بالأنظمة والقوانين ويُسْهِم في نشر الوعي يُعْتَبَر شريكًا فاعلًا في تحقيق الأمن. كما أن للمؤسسات التعليمية، والتثقيفية، والإعلامية دور مهم في نشر ثقافة الأمن، وتعميم أدبيات الوعي بالمخاطر التي تهدد استقرار المجتمع. من هذه المنطلقات الهامة أدركت حكومة “المملكة العربية السعودية” أهمية الأمن لضمان استقرار مجتمع “المملكة” وكفالة تنميته، فأولت هذا الجانب الحيوي أهمية قصوى، حيث طَوَّرَت “وزارة الداخلية” منصة أمنية رقمية، أجزم بأنها فريدة من نوعها على مستوى العالم، دعمتها بكافة الكوادر البشرية المؤهلة تأهيلًا عاليًا، والمدربة بشكل محترف، تجيد حسن التواصل، وتتحدث بأجمل العبارات، وتنطق بعدة لغات، وفرت لها جميع الخدمات اللوجستية المتقدمة، مما جعل من “المملكة” واحة أمن واستقرار تعيش في ربيع دائم. وأطلقت على تلك المنصة “كلنا أمن” وسمٌ عميق الدلالة وبالغ الأهمية، وقد أينعت هذه المنصة ثمارًا عظيمة شملت جميع أرجاء الوطن العزيز المترامي الأطراف. حيث استجاب الله تعالى دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام حين قال (رب اجعل هذا البلد آمنًا وأرزق أهله من الثمرات) الآية 126 - سورة البقرة. روى لي صديق – عزيز - أنه تعرض لمشكلة أمنية في منطقة أخرى من “المملكة” وهو مقيم في “مدينة الرياض” فاتصل على الرقم الثابت لتطبيق “كلنا أمن” وماهي إلا لحظات وجيزة ويصل بلاغُه إلى شرطة المدينة التي وقعت فيها المشكلة، وخلال بضع دقائق تواصلت معه دوريات تلك المدينة، وطلبوا منه التواجد في الموقع، فكَلَّف أحد أصدقائِه للوقوف مع أفراد الدوريات، الذين قاموا بالواجب على أكمل وجه. حقًا إن الأمن الوطني ركيزة الاستقرار والتنمية. عشت يا وطني آمنًا مستقرًا ومزدهرا، تحت راية التوحيد الخفَّاقة، في ظِل قيادتنا الرشيدة، وبعزم رجالك المخلصين، وبهمة بناتك الماجدات.