الشعراء وإبداع الخوارزميات!
لا خوف على الأدباء والشعراء والموسيقيين من خوارزميّات الذكاء الاصطناعي، أقلّها في وقتنا الراهن، بل على العكس يثبت الذكاء الاصطناعي قيمة وتفرد ما يسطرونه من جمال في سبكهم، وإبداعاتهم المتنوّعة. والذكاء يعتمد في الأساس في بياناته على نتاجهم الأدبي؛ وحين تطلب منه كتابة قصّة أو نصّ إبداعي تجده يعتمد على أساليب ما يختزله من أساليب تضمّنتها مدوناتهم، وأضحت جزءًا من منظومته المعلوماتيّة الضخمة. وبالنسبة للأدب العربي فلا خوف عليه أكثر من خوارزميّات الذكاء الاصطناعي؛ لأنّ المحتوى العربي على الإنترنت لم يتجاوز بحسب تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات 3% ويعدّ ضعيفًا مقارنة باللغات العالمية الأخرى. وحين تنتج نصًّا أدبيًّا عبر الذكاء الاصطناعي-على سبيل المثال- قصّة أو قصيدة تجدها مشحونة بأسلوب كتّاب ومبدعين غربيين، تظهر عباراتهم في ثنايا ذلك النصّ بينما لا تلمس أساليب عربية معمّقة إلا ما وصل إليه عبر بيانات (جوجل)، وغيرها من محركّات إضافة لاستفادته من كل معلومة تدخل جعبته! والذكاء لا يشبع ولا يملّ يتعلّم . وبالنسبة للإنجليزية فهي أقرب إليه في مسألة الإبداع لدخول نسبة كبيرة من محتواها تتجاوز الـ 60%. ومع ذلك تبقى آهات وبصمة الشعراء والكتاب والمبدعين بالعربية، ولغات أخرى عصيّة على الذكاء الاصطناعي، رغم أنه بدأ يستخدم تقنيّات تهتمّ بمسألة (التحليل العاطفي)، وتشير دراسات إلى أنه قادر على فهم المشاعر في سياقات معيّنة، حيث سيمكّن النصّ التشعبي الذكاء الاصطناعي من فهم الشعور الفعلي للرسالة من داخل الكلمات، وسوف تتمكّن تقنيّاته من تحديد ومعرفة المحتوى (الإيجابي والسلبي) وعبارات السعادة والحزن. لكن ذلك سيظلّ في إطار العلاقة بين الشركات والمستهلكين، عندما يرسل المستخدم تعليقًا أو رسالة لبريد الشركة يشكو من شيء ما يمكن للذكاء تحديد عاطفة هذا التعليق، ومساعدة الشركة على الردّ بشكل ملائم. لكن ذلك التحليل العاطفي الذي تمارسه خوارزميّات الذكاء لن يصل إلى ما غرس في قلوبنا وحواسّنا من مشاعر تجري مجرى الدم؛ ويمكن لنا أن نضحك ونبكي ونشعر بسعادة غامرة مع تقلّبات المواقف وبشكل عفوي لن يصل له الذكاء بسهولة! وهل يمكن له أن يبدع مثل هذه الصورة؟ : وإنِّي لَتَعْرُوني لِذِكْراكِ هَزَّةٌ كما انتفَضَ العُصْفُوْرُ بَلَّلَهُ القَطْرُ أو كما قال الشريف الرضي: وَتَلَفَّتَت عَيني فَمُذ خَفِيَت عَنها الطُلولُ تَلَفَّتَ القَلبُ