لوحات صابرة بن فرج ..

“ سلالم “ تأخذك إلى روح الطفولة .

يمثل الابداع الفني والتشكيلي منه بالخصوص مجالا من مجالات التعبيرية البينة والعالية عن تلك الأحلام والهواجس والرغبات الكامنة في الذات الانسانية حيث القول بالذاكرة الدفينة والمستبطنة لاعتمالات الفنان لكونه الرائي تجاه ما يغفل عنه الآخرون أو لا ينتبهون له وفق ايقاع مجتر ساحق للتفاصيل الدالة والأشياء العميقة والعناصر الحية المقيمة في الذوات .. ومن هنا نلمس هذا الذهاب الفني الجمالي تجاه ما يستنهض الانتباه الى ما به يقوى الانسان حين تختلط عليه وأمامه الأحوال والمشاهد والأصوات والحركات..انها لعبة الفن الجميلة الواعية والأنيقة في دلالات سياقاتها ومساراتها في عالم معولم يستوجب النظر الى الذات في صفائها وبهائها ..وهنا ليس ثمة أفضل من تلك النظرات القائلة بالبراءة والحلم والبهجة والحب والجمال ..لأجل التحليق...والطيران ..سموا وعلوا وتخففا من أدران الواقع وملابساته وضجيجه وهيجانه الرجيم قتلا للجميل والنبيل و الحالم في ذات هذا الانسان...انسان اليوم.. وهكذا ولهذا..تأخذنا الفنانة التشكيلية صابرة بن فرج في ابداعها الفني ضمن رسوماتها و لوحاتها التشكيلية قولا بهذه الطفولة والحلم وما هو سحر وفاتن من عوالم أخرى ..الى عبارة تشكيلية فيها ذاكرة عالقة بدواخلها حيث الطفلة التي كانت تخط وترسم وتلون على الحائط في خربشات بها ذلك الحلم القديم الذي يقود الى عوالم بها الجمال والسلام والجنان والفرحة العارمة..بل والطيران في تحليق ملون بين عناصر شتى من أدوات الأطفال ولعبهم ورغباتهم الجمة...صابرة في لوحاتها الفنية على غرار لوحة “ الربيع “ ولوحة “ الأرجوحة “ ولوحة “ الطاحونة الهوائية “ مختلفة الأحجام وبتقنية مختلطة وعلى القماش...تأخذنا الى شواسع فيها بهجة النفس ومتعة النظر وروح الطفولة التي تختزل العالم وما الى ذلك في كثير من جمالية التعاطي الفني رسما وتلوينا ..هي حالة من شاعرية الفن الذي تعمل عليه وضمنه الفنانة صابرة من سنوات وضمن مشاركاتها الفنية في المعارض بل وفي سياق بحثها الابداعي تشكيليا ووجدانيا وانسانيا وفنيا وهنا تدعو الفنانة بن فرج جمهور الفن وأحباء التشكيل الجمالي الى معرضها الفني الشخصي الذي يفتتح عشية يوم السبت 30 من شهر نوفمبر الجاري ليتواصل الى غاية يوم 30 من شهر ديسمبر المقبل ب” أرشيفارت “ بجهة المرسى.. عنوان المعرض لافت و دال وهو جوهر فكرة هذه الأعمال الفنية المقدمة ضمن هذا المعرض وهو “... وسلالم للطيران“..هي بمثابة رحلة جوية تشوفا وعناقا و انصهارا في شواسع هذا العالم الحالم الذي يستعيد طفولة الأشياء وجنانها وفراديس تفاصيلها الملونة . وهنا تبرز الفكرة الجمالية وما تحيل اليه هذه التجربة عند الفنانة صابرة من توق لعالم فيه قوة الفن اذ تطغى على السيء والرديء والقبيح انتصارا للفن في أبعاده المختلفة وللانسان في طفولته الباذخة فالخربشات الأولى على جدران المنازل هي خربشات الروح التي تكبر وتفشي أسرار بهائها في الأرجاء نحتا للقيمة وقولا بالسحر والجمال في عنفوان من الشعور والخيال والموسيقى الطالعة في العمل الفني بين الرسومات وتلويناتها في هرمنة وتناسق أنيقين أناقة فن صابرة وفق سفر نحو آفاق بها الخضرة والطيور والسمكات الطائرة وما هو مجال فاتن لكي يسرد الأطفال حكاياتهم اليانعة حيث الطفلة في هذه الحالات من الجمال بين الأرجوحة والنواعير واللعب ترقب هذه العوالم بعينين من أمل وجمال وحلم ... حلم مزركش وفضاء ملون بما فوق واقع الحال.. فن بما هو عالم بأسره حيث الذات الفنانة في حوارها المخصوص تجاه الذات والآخرين والعالم في ضروب من التقصد والتشوف والحلم أمام عالم بتبدلاته القديمة والحديثة اذ تبرز العناصر والأشياء كينابيع لتوليد الرؤى والأفكار وما به تسعد الذات وهي في جوهر اشتغالاتها الانسانية والوجدانية والجمالية بكثير من حرقة النظر والسؤال ...والقلق المبين. انها لعبة الفن الدالة الى الدواخل وهي تزخر بالرغبات الجامحة حبا في القول والافصاح وفق تعبيرية تنحت من ظاهر التفاصيل حوارا ملونا بممكنات الفن من تلوين ورسم مثلما تملي علينا هذه التجربة التي نحن بصددها والقائلة بالابداع الفني في رصد الأحوال على هيئاتها الشتى حيث الفكرة وتقاطعات التعاطي معها لينتهي الأمر الى ما يشبه سحرا سرديا ديدن الذات المنتجة له الذهاب بعيدا في دروب الفن وبخصوصية وتفرد هما العنوان المشتغل ضمنه والمبحوث عنه ليصار الى حلم مفتوح... هكذا هي الممارسة الفنية التي نظرت الى بعد من أبعادها وفي زاوية من زواياها المتعددة فنانة عملت من سنوات وضمن شغفها الفني المأخوذ بالرغبة في الابتكار والبحث الدائم ليصير العمل الفني عبارة الذات .. ذات الفنانة وهي في عنفوان اشتغالها على بهائها التشكيلي المتقصد والموزع على أعمالها الفنية المنجزة من ولع فني وذهاب ضمن الآفاق الجمالية تجاه الطفلة حيث المسافات الملونة بين الذكرى والاستعادة والحلم في كون يمضي من الذات ليعود اليها في تجواله مع الآخرين.. “...وسلالم للطيران “ رحلة فسيحة النظر الجمالي والأحلام اليانعة والطفولة الباذخة وغيرها من تعبيرات الفن في مواجهة السقوط والتنميط والفراغ..انه الفن يحلق عاليا وبعيدا وفق بوصلة الذات الضاجة بالحياة في عالم الحروب والدمار والتداعيات المريبة..هكذا تخيرت صابرة الفنانة المجتهدة نهجها الفني وخلال هذا المعرض الشخصي قولا بالقيمة وتأصيلا لكيان مبعثر يحتاج طفولة وحلما لترميمه .