قصة قصيرة
صوت مخبأ كعادته يجلس على شاطئ البحر، يقضي بعض وقته يخلو بنفسه ويرمي بهمومه، ويخفف من آلامه على حركة أمواجه الهادرة، عندما تكون نفسيته مليئة بالمشاعر المتراكمة، في ذلك المساء أخذ نفسًا عميقًا وأطال التفكير. التفت يمنة ويسرة فشاهد الناس من حوله سعداء؛ يلعبون يضحكون يتبادلون الأحاديث يتناولون القهوة على صوت عزف الأمواج، بينما هو في عالم آخر لا شيء حوله له معنى، لا حركة الناس، ولا زرقة السماء، ولا أمواج البحر … يميل للانطواء والانزواء، مشى ببطء على الشاطئ صامتًا هادئا، تبدو عليه علامات الحزن والانكسار، يسير على جانبه يقذف الحجارة، ويقف أمامه كأنه ينصت له، ويستمع لمعاناته، يحتويه يعمل على مداواة جروحه غير المرئية، بعد أن تخلى عنه القريب وخذله الصديق. فتشع البهجة والراحة في نفسه التي أرهقتها هموم الحياة، وأعباؤها المتراكمة، فيعود إلى مضمار الحياة مؤقتا بين اليأس والأمل. غربة ركب زورق الحياة -مصدر رزقه وسر سعادته- ابتعد عن مرفأ البلدة الصغير. فجأة هبت رياح قوية أخذ يجدف ويجدف فغاب في أمواج البحر الغادرة، وابتعد القارب حاول التشبث بأي شيء يطفو فوق الماء، أخذت الأمواج ترفعه تارة، وتهبط به تارة أخرى إلى أعماق الهموم، وبعد أن هدأت الرياح نظر إلى المرفأ، فشعر باليأس فلم يعد هناك أي بوادر للنجاة على كثرة سكانه، فلا نور مضيء، أو فرج قريب، أو خبر سعيد. عندها توهم أن الرحلة طويلة، والصمت طال، والأصوات مخبأة. فتوقفت عقارب الزمن، وتشابهت اللحظات، وشعر أنه يغرق في الظلام، والبحر، والصمت، ولم يعد ينعم بالراحة أبدًا.