الموقف السعودي.. والالتزام التاريخي .
كعادتها طوال تاريخها، أعربت المملكة العربية السعودية في أول بيان لها بعد ساعات من تغيير النظام في سوريا عن دعمها ووقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق، داعيةً المجتمع الدولي الذي كان على الحياد منذ تفجر الأوضاع في سوريا حتى الآن إلى التحلي بالمسؤولية في الوقوف إلى جانب الشعب السوري. الأقوال يصادق عليها تاريخ طويل من الأفعال، فقبل الأحداث الجارية بأشهر قليلة اشتعلت شبكات التواصل السورية بأخبار مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وما يقوم به المركز في الشمال السوري من إجرائه للعديد من العمليات الجراحية للأطفال فاقدي السمع. إضافةً إلى العديد من الأعمال والمبادرات الإغاثية والإنسانية العديدة في عدد من مخيمات اللاجئين في مناطق مختلفة من الشمال السوري وداخل الأراضي التركية. وفي وقتها تصدّر عدد من الأطباء والطبيبات السعوديين (ترند) تلك المواقع؛ نظير ما قاموا به من أعمال إنسانية لامست قلوب السوريين وغيرهم. التاريخ السعودي الطويل مع الشعب السوري محفور في ذاكرة السوريين؛ حيث أظهرت الأحداث الجارية أيضاً، ومن خلال مستخدمي وسائل التواصل السوريين، حجم الامتنان والشكر للمملكة؛ حيث تداول عدد من المستخدمين السوريين لتلك المواقع مقاطع فيديو سابقة للملك عبدالله والأمير سعود الفيصل رحمهما الله، وكذلك للوزير عادل الجبير، بشأن تصريحاتهم السابقة عن الأزمة في سوريا، وعن وقوف المملكة مع الشعب السوري طوال أربع عشرة سنةً مضت تجرّع السوريون خلالها الألم والتعب والتشريد والضياع. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ظهرت العديد من المقاطع والصور والمنشورات التي ينتجها عادةً المستخدمون لتلك الوسائل عفوياً معبّرةً عن عُمق العلاقة بين الشعبين السعودي والسوري، وهذه القراءة للمشهد من أعماق القاعدة الجماهيرية تكشف لنا بوضوح ما يعتمل في الذهن الجمعي للشعب السوري، ونظرته المحبة للمملكة ولمواقف قيادتها وشعبها. بيان الخارجية السعودية دعا إلى تضافر الجهود للوقوف إلى جانب الشعب السوري، وهي رسالة ليست للمجتمع الدولي فحسب، وإنما دعوة عامة يمكن أن تصل إلى كل الكيانات والمنظمات والتكتلات المتنوعة، ومن ذلك الجامعة العربية وغيرها؛ وذلك للاضطلاع بالمسؤولية تجاه جرح عربي ظل ينزف لما يقارب العقد والنصف، فضلاً عمّا يقارب نصف قرن سبقها من الاستبداد والطغيان.