احتواء الصروح الثقافية ومراجعتها..

خطوة مهمة نحو تجديد المشهد الثقافي.

في ظل الأحداث المدلهمة بأمتنا يغيب صوت العقل، صوت النخبة القدوة من أدباء ومفكرين ممن لهم صوت في قول الحق وفي قراءة الحقائق بعقلانية وتبصر، نجدهم يصمتون! ثقافة كل أمة تتنامى وتزدهر بعطاء أدبائها ومفكريها، لأن عماد بناء صرح كيان الأمم ببناء الأسس الصحيحة لمنظومة ثقافية تعليمية، يقود مسيرتها ويكون القدوة في التحمس لكل تطور في البنى التحتية لبناء الإنسان، يتمثل في القدوة والقادة من المفكرين والمثقفين الذين يملكون أدوات التغيير، وبإمكانهم أن يحدثوا الفارق لكل التحديات التي تواجهها الأمم، فلا شك أن صوت كل أمة يتمثل في أدبائها ومثقفيها، لأنهم نبض فكرها بما ينتجونه ويبدعونه لثقافة الأمة، وما تنجم عنه حواراتهم ونقاشاتهم الفكرية، وما يطرحون من أفكار ورؤى، فهم المرآة الحقيقية لحراك كل عطاء ونتاج فكري تتمثل به كل أمة، وإذا كانت الكتب سجل تاريخ الأمم فإن المفكرين والمثقفين هم عقلها ونبض كل متغيراتها الحضارية. إننا ومن واقع الأحداث الراهنة نرى أننا في حاجة لصياغة مفهوم جديد وصيغة متزنة لنقد المشهد الثقافي ومتقلبات الواقع بكل تحدياته، لذلك نحتاج من القادرين من مفكرينا ومثقفينا الذين هم على درجة كبيرة من الوعي والمصداقية والحيادية التامة في قراءة الواقع ومستجداته ومتطلباته، الاعتماد عليهم في قراءة المنظومة الفكرية والمناهج الثقافية بكل متاهاتها وأبعادها، وإخضاعها للتحليل والتفسير لكثير من المسائل التي تجبرنا متغيرات العصر وتحديات الأحداث أن نكون على درجة كبيرة من الجرأة لنقود مسيرة التصحيح الذي تفرضه التحديات الراهنة ومستجدات الأحداث ويكونوا قدوة في صنع رأي عام فيه من الشفافية والصدق والإحساس بالمسؤولية، والحفاظ على مكتسباتنا في أمننا الفكري والوفاق الوطني. حتما إن الأولى بنا ونحن بصدد إحداث الكثير من المتغيرات في مشهدنا الثقافي وحراكنا الأدبي، أن نحتوى كياناتنا وصروحنا الثقافية باهتمامنا ونخضعها للدراسة والمراجعة، فالأمم عادة تتخذ من الأزمات والنكبات سببا في النهوض والتغيير، فأوروبا وألمانيا تحديدا بعد الحرب العالمية الثانية أعادت النظر في الكثير من النظريات والثقافات للخروج من نكبة الهزيمة ودمار الحرب، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001،عادت أمريكا وأوروبا لقيمها الثقافية، واحتكمت إليها في جميع المناهج، وكان الأدعى بدول الخليج أن تعي ضرورة أن يتجه مفكروها والنخب الثقافية فيها لإعادة النظر في منظومتها الثقافية والفكرية، ومعالجة كل الأخطاء. *كاتب وقاص شغل منصب أمين سر النادي الأدبي بجدة لأكثر من 25 عاما.