الحياة في تناقضاتها !

بين التفاؤل والإحباط، والشعور بالحزن والسعادة تمضي بنا الحياة، لكل منا رحلته الخاصة خصوصًا من عبر شطرًا من محطاته، وعجنته الأيام ووجد نفسه يردّد حائرًا بين إقدام وإحجام مع معروف الرصافي: قد صَحّ عزمك والزمان مريض حتّام تذهب في المُنى وتَئيض وآض الحاجُّ كما في المعجم :عاد، رجع آض إِليه، ولعل الرصافي قصد(ترجع أو تتراجع). أحيانًا أمضي بخطط أدرك نجاحها سلفًا لكنها تحتاج كدّا وجهدا ومواصلة، ولا شيء يأتي كذا (عـالبطال) !كما نقولها بالعامية، والأصل الأخذ في الأسباب. أشاهد أصدقائي مستمتعين بوقتهم ينتظر الموظّف منهم إجازة الأسبوع (على أحرّ من الجمر)؛ ويقضونها بين جلسات وسفر وطلعات للبرّ ووناسة خصوصًا في مثل هذه الأيام التي تكلّلها الغيوم المطيرة والأجواء العليلة، وأجدني جالسًا بين أربعة جدران أمام شاشة الكمبيوتر، أو مع كتاب أذاكر، وأراجع وأنجز ما هو عليّ من مشاريع كتابية. وبعد كل هذه السنوات تنازعني مثل تلك الأسئلة الممّضة: وربما يتسلّل إليّ بعض الإحباط والملل، فإلى أين أنت ذاهب؟ وأودّ حينها أن (أرمي بكل شيء عرض الحائط)، خصوصًا حين يقلّ المشجّعون، ولهم عذرهم وكل مشغول بحاله، لكنني سرعان ما أستعيد توازني، وأعود بشغف لذات اللحظة الحافزة لا أفكّر إلا بمواصلة ما بدأت به مستمتعا بكتاب جديد أقرؤه لأول مرّة، أو فكرة أعثر عليها، أو بحث يقدّم وجهات نظر مختلفة، وأشعر أنني أمسك بعنان السماء لشدّة ما أعيشه من ألق! وأدرك أن مثلي الكثير مرّوا بظروف ربما كانت أمضّ وأصعب، وتلك الهواجس طبيعية فنحن بشر (لحم ودم) وفي النهاية (لا حلاوة بدون نار)!. المهم أن الاستزادة في العلم هي (العمر الحقيقي للإنسان) ، وهو ما تصحّ به نفسيته، وتستقيم بها حياته حين تبعث به لذّة (الدهشة والاكتشاف) وتجدّد بها روحه. وأتذكّر في هذه اللحظة أبياتا يحبّ والدي يرددها علينا -رحمة الله عليه- من قصيدة طويلة للشاعر راشد الخلاوي: ومن تابع المشراق والكن والـذرى يموت ما حاشـت يديـه الفوايد وفي تلك الأبيات وغيرها مضامين تدفعك إلى أن تنحت بالصخر ولا تضيع ساعة من عمرك، وتتعلّم من تجارب غيرك من الناس من كانت حياتهم رحلة عنوانها (الكفاح والعطاء).