في بحث مستمرٍ عن ذواتنا الشاعرة، كان يوم الإعلان عن مسابقة أمير الشعراء هاماً لولادة قصائدنا التي خُبأت ليوم كهذا، حيثُ يلدُ فيه الحلم قصيدة. بعد عدة رسائل واتصالات من أصدقاء ومحبين قررت إرسال قصيدتي لرابط المشاركة في البرنامج، وبعدها بأشهر أتصل بي منسق البرنامج وأبلغني بقبول المشاركة وترشحي لمرحلة الـ 150 شاعرا. وكأن كل الأحلام ستصبح واقعاً ملموساً، سيختصر الشاعر العديد من المراحل لتصل القصيدة إلى حلمها الأهم، ستظهر هذه التجربة وسيظهر الشاعر بشكله الذي يليق به، بعد إتمام كل الإجراءات وصلت مع عدد من الأصدقاء إلى دولة الإمارات، وتحديداً كانت وجهتنا مدينة أبو ظبي تلك المدينة الحالمة التي تنطق شعراً، كل ما في تلك المدينة يصلح أن يُخلد بصورة شعرية فاتنة. كان الاحتفاء كبيراً بالشعراء، وكانت الإقامة تشبه احتفالاً شعرياً لا يليق إلا بالشعراء، أكثر من 150 شاعر وشاعرة يقيمون في مكان واحد لمدة تزيد عن عشرة أيام في أجواءٍ لا تليق إلا بالشعر، كلهم جاءوا من بلدان شتى لا تجمعهم سوى الكلمة والكلمة فحسب. في تلك المدينة التي يحرسها الشعراء كانت القصائد تحاور بعضها، المقهى يكتظ بالشعراء وهموم القصيدة والثقافة والأدب كانت سيدة المرحلة، حكايات وقصص ونقاشات واستعراض تجارب وتحليل نصوص، وكأنا خلقنا لنكتب الشعر ونتحدث في الشعر ونحاول تعريف أنفسنا من زاوية الشعر؛ عالمٌ موازٍ لا يشبه عالمنا الحقيقي، عالمٌ مرصعٌ بالمجاز. رغم تهيئة كل الأجواء الشاعرية إلا أن الشعراء في المسابقات يطرأ عليهم ضغط المرحلة، ترقُبٌ كبير ليوم المقابلة، وترقب أكبر لظهور النتائج، الكل يحاول أن يخفي قلقه ويطمئن زملاءه، وبرغم كل المحاولات يبقى الإنسان هلوعا. في شاطئ الراحة التقينا بلجنة التحكيم الموقرة، وقرأنا قصائدنا لتنال حظها من النقد الذي يصقل تجربة الشاعر وينميها، وكان اللطف سيد الموقف، أجازت اللجنة قصيدتي بالإجماع معلقين عليها بكلماتٍ عذبة وإشادات رائعة كانت بمثابة السراج الذي يضيء عتمة الطريق، والباب الذي يقف عليه كل شاعر حقيقي نحو بلوغ القمة الشعرية. أيامٌ علقناها قلادةً على جيد الزمان، وشمسٌ أشرقت على أحلامنا التي أصبحت واقعاً مُلهِماً وتجربةً رائدة برفقة عشرات الشعراء والشاعرات من جميع أقطار العالم. كل الشكر للإمارات العربية المتحدة، ولهيئة التراث والثقافة في أبو ظبي عنايتهم بالشعراء، وعلى ما تقدمه من خدمات جليلة ومبادرات رائعة في إيصال اللغة العربية الفصحى لمحبيها. وأخيراً أقول للإمارات: هنا الإمارات، والمعنى لها يقفُ من أي آلاءِ هذا الجود أغترفُ تقاصر الشعر عنها، كلما نبتت فيها المشاعرُ ورداً تاه من يصفُ هذي الإمارات، ما مرت على شفةٍ الا وهبّت لها بالحب تعترفُ كأنها في فم الأيام أغنيةٌ تُلقى فيرقصُ في أعماقِنا الشغفُ لولا ابتسامتُها الفصحى لنا وبنا ما زغردت في الحنايا الياءُ والألفُ