لماذا ننام

مع كل مهمّة عمل أو التزام أحاول أن أضبط منبّه ساعة الجوال لكنني نادرًا ما أستيقظ على رنّة الجرس؛ لأنني ببساطه أنهض مذعورًا قبل المنبّه، أو أعيش بعض الأحيان في صراع لساعات في محاولة النوم وأضطر أخيرًا للنهوض من سريري لأن الوقت أزف! والغريب أنك مجرّد أن تضبط ساعة المنبّه يجعلك تعيش في قلق انتظار مستمر؛ متى يرنّ الجرس في عقلك الباطني؟ ويا ليل ما أطولك! لا أعلم؟ وليس لدي تفسير مقنع؛ لأنني لست وحدي، وهناك الكثير من الناس يعانون من أرق النوم بشكل عام حتى وإن كنا نتمتع بإجازة، وهكذا تشير الدراسات. يقول الطبيب ماثيو ووكر مؤلف الكتاب الأشهر “لماذا ننام” إن النوم أثمن سلعة يمكن استغلالها، ويستهلّ كتابه بالقول: “إذا كنت تقرأ هذا الكتاب، فإنه يمكنك استغلال وقتك بشكل أفضل من خلال وضع الكتاب جانبًا والخلود إلى النوم”. ويؤكّد ووكر أن النوم أمر حاسم لرفاهيتنا وقدرتنا على العمل والإنتاج، و يحذّرنا من أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤدّي لعواقب شخصية ومجتمعية. ولا غبار أن في النوم نعمة من نعم الله الوافرة، وفيه راحة للروح والبدن من أتعاب الحياة وما يكابده الإنسان في أوقات العمل ويكفي ما قاله المولى عز وجل في كتابه العزيز “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا “47الفرقان”. والنوم وأن شحّ ساعات لا يلبث أن يعود و(يسرقنا فجأة)، ولا شكّ أن لوسائل التواصل وكثرة التعرّض للصور والفيديوهات تأثير في هذه الحالة. دعوني أذهب الآن لباب (السهر وقلّة النوم) في ديواننا الشعري فهو باب واسع خصوصًا ليل العشاق يقول ابن سهل الأندلسي: رُدّوا عَلى طَرفيَ النَومَ الَّذي سَلَبا وَخَبِّروني بِقَلبي أَيَّةً ذَهَبا والغريب أن العاشق ربما أختار وقت نومه قبل ميعاده لعله يحظى بزيارة طيف الحبيبة، كما فعل قيس لبنى: وَإِنّي لَأَهوى النَومَ في غَيرِ حينِهِ لَعَلَّ لِقاءً في المَنامِ يَكونُ تُحَدِّثُني الأَحلامُ إِنّي أَراكُمُ فَيا لَيتَ أَحلامَ المَنامِ يَقينُ وأتذكّر في هذه اللحظة نجاة الصغيرة وهي تشدو بصوتها المرهف: عيون القلب سهرانه ما بتنامشى لانا صاحيه ولا نايمه مبقدرشى يبات الليل يبات سهران على رمشى وانا رمشى مداق النوم وهو عيونه تشبع نوم روح يا نوم من عين حبيبى روح يا نوم