«هاجس الزمن ومشهدية الأعماق»..

كتاب جديد عن الشاعر علي الحازمي.

عن دار كتابي للنشر بالقاهرة؛ صدر أخيرا للشاعر والناقد التونسي “سامي المسلماني” كتاب بعنوان: (هاجس الزمن ومشهدية الأعماق في شعر علي الحازمي – مقاربة نقدية). في مدخل الكتاب يقول المسلماني: “علي الحازمي شاعر عالميّ حظي باهتمام المشتغلين والمهتمين بالشعر قراءة ونقدا وترجمة سواء في العالم العربي أو في بقية بقاع الأرض. لذلك، على كل من يريد قراءة تجربته الشعرية أن يدرك عمق هذه التجربة وانتشارها، وعليه فوق ذلك، حسب رأيي، ألا يقرأ ما كُتِب حول تجربته حتى تكون للقارئ بصمته الخاصة. فقراءة هذه الكتب النقدية قد تعطّل ملكاته التأويلية وتقوده وتسيّره دون أن يشعر أحيانا، فالأفضل، حسب رأيي، أن يعتمد على ذائقته الشخصية ويترجم ما ترسّب في أعماقه بعد قراءة هذه التجربة بتأنّ وتحرّ، فيكون بذلك رائدا في أحكامه ومواقفه، وسيّد نفسه، لا تابعا ولا موجَّها”. احتوى الكتاب على أربعة فصول، الأول بعنوان؛ العتبات: بوابات الإيحاء المشرعة على اللانهائي، حيث استهل المسلماني طرحه بقوله: “يبدو واضحا أنّ الشاعر علي الحازمي لا ينظر إلى العتبات على أساس أنّها فضلة من فضلات المتن الشعريّ، بل هي بالنسبة إليه عناصر نصيّة مستقلة بذاتها ومدار من مدارات التأويل القرائي ومتاهة من متاهات الإيحاء. العتبات جسر يتخطّى المتن إلى ما وراءه ويمدّ ظلاله الوارفة الشفّافة على كامل النصوص الشعرية، إذ تتراقص في العتبات صور تحيل على المتن وخيالات تحملنا على أجنحتها إلى عوالم داخلية وخارجية”. وقال في الفصل الثاني؛ البنية: طبقات متداخلة ترسم الإبداع: “التزم علي الحازمي بشعر التفعيلة، فوردت كل مجموعاته على هذا النمط الشعري، لا تفارقه، فكأنّي به يؤمن إيمانا راسخا بأنّ شعر التفعيلة ما زال قادرا على التعبير عن الذات الشاعرة، رغم بروز أنماط شعرية أخرى من قبيل قصيدة النثر والومضة والهايكو والنص المفتوح، ولكن رغم ذلك نلاحظ أنّ الحازمي لم يحتذ ما سار عليه شعراء التفعيلة، واتْخذ لنفسه سمتا إيقاعيّا خاصّا به. فقد وُفّق في تطويع الأوزان الخليلية والتصرّف في القافية والرويّ. وابتعد عن تلك الحدود الفيزيائية الصوتيّة الدقيقة، التي ظلّت تحكم الشعر طيلة قرون. ويمكن القول إنّ الإيقاع في شعر الحازمي هو إيقاع نفسي عميق، أيْ إنّه إيقاع تنبع منه موسيقى الذات الفرديّة، وليس موسيقى الذات الجماعية. ولعلّ ذلك ما وسم نصوص الحازمي بمسحة شعرية صافية، لا تحيل إلا على ذاتها وذاته”. وفي الفصل الثالث؛ الدلالة: بين سطوة الزمن وكهوف الأعماق، يقول سامي المسلماني: “غلبت على شعر علي الحازمي ظاهرة الغموض، وهي تعود إلى أسباب عديدة، اتصل أغلبها بخصائص الشعر الحداثي الذي تمرّد على جماليّات الشعر التقليدي، فشعر التفعيلة المعاصر يعتمد أشكالا شعرية وتقنيات فنيّة معقّدة، تضاهي تعقيد الواقع والتواءاته. فقد اتخذ هذا الشعر سمتا مخصوصا في القول الشعري يرتكز بالأساس على التلميح دون التصريح، وعلى الإيحاء دون الوضوح، فهو في وجه من وجوهه شعر تجريبيّ يسعى إلى إعادة اكتشاف اللغة، بل اختراقها، وتجاوز ما تشكّل منها شعريّا طيلة قرون. فهو _حسب رأيي _ما زال يروم اللعب باللغة وفيها، فتنشأ عن ذلك أساليب مبتكرة، تنقل الخطاب الشعري إلى آفاق جديدة”. أما الفصل الرابع فجاء تحت عنوان؛ الميتاشعر: وجه من وجوه الأعماق، وأشار المؤلف قائلا: “ما يلفت الانتباه في مدوّنة علي الحازمي الشعرية حضور القصيدة إبداعا ومفهوما، إذ نجد العديد من القصائد والمقاطع التي يتحدّث فيها الشاعر عن رؤيته للشعر وعن وظيفته وعن مناخاته، فإذا بالقصيدة تتحدّث عن نفسها وترى ذاتها في مرآتها. ويسمّى هذا التوجّه في النقد الشعريّ الحديث “الميتاشعر” أو “الميتاشعريّ” أو”الميتاشعريّة” أو”القصيدة الواصفة”، أي القصيدة التي تصف نفسها بنفسها. في هذا النوع من القصائد يصف الشاعر حالات قصيدته من الداخل، فيصبح الشعر موضوعا من مواضيع الشعر، ويقوم الشاعر بلغته الواصفة بالكلام عن الشعر ومتعلّقاته، من مفاهيم وحدود ولغة ورؤية ومصادر إلهام”. وجدير بالذكر؛ أن هذا الكتاب هو الرابع عن تجربة علي الحازمي الشعرية، بعد ثلاثة كتب وهي: (عناصر التشكيل الجمالي والفني في شعر علي الحازمي)، للناقدة السعودية ليلى شبيلي- الدار الوطنية الجديدة، الخُبر 2012م. و(طائر النار)- مصاحبة نقدية في تجربة الشاعر علي الحازمي للناقد المغربي إبراهيم القهوايجي- الدار العربية للعلوم(ناشرون)، بيروت، 2013م. و(تجليات الغياب)- قراءة في شعر علي الحازمي، للناقد السعودي علي حافظ كريري- الدار العربية للعلوم(ناشرون) ،بيروت 2015م.