لاعبو كرة القدم والمسؤولية الاجتماعية.

تمهيد : من المعروف أن كرة القدم لها الشعبية الأولى على مستوى العالم، وللاعبين المشهورين والبارزين قيمة مجتمعية عالية جداً، ومن هذه القيمة، تنشأ مسؤولية لاعبي كرة القدم الاجتماعية نحو مجتمعهم إلى أبعد بكثير من مجرد ما يحدث على أرضية الملعب، وذلك نظرًا لشعبيتهم الهائلة وقدرتهم على الوصول إلى ملايين المتابعين، خاصة الشباب؛ فإنهم يتحوّلون إلى نماذج يحتذى بها، وإلى سفراء للتغيير الإيجابي. ويمكن تقسيم المسؤوليات الاجتماعية للاعبي كرة القدم إلى عدة محاور رئيسية: 1. المسؤولية كنموذج يُحتذى به (على المستوى الفردي والجماعي): * السلوك الأخلاقي: يتصرف اللاعب بشكل يحترم قيم النزاهة والرياضة النظيفة، داخل وخارج الملعب، وهذا يشمل احترام الخصوم والحكام والجمهور. * الالتزام والعمل الجاد: يظهر اللاعب تفانيًا والتزامًا في تدريباته ومبارياته، مما يرسل رسالة إيجابية للشباب حول أهمية المثابرة لتحقيق الأحلام. * التواضع والإنسانية: النجاح يجب ألّا يغيّر من طبيعة اللاعب المتواضعة. * التفاعل مع الجماهير بلطف والتواصل معهم يعزّز من قيم التواضع. 2. المسؤولية نحو المجتمع (على المستوى العملي والمادي): * العمل الخيري والتبرعات: يستخدم العديد من اللاعبين ثرواتهم لدعم القضايا الخيرية، مثل: * بناء المستشفيات أو المدارس في مجتمعاتهم الأصلية. * تمويل البحوث الطبية لمكافحة الأمراض. * مساعدة الفئات الأقل حظًا والمشردين. * دعم القضايا الاجتماعية والإنسانية: يمكن للاعبين استخدام منصتهم للتوعية بقضايا مهمة مثل: * مكافحة العنصرية والتمييز: برفع القميص أو الركوع على أرض الملعب. * دعم المساواة بين الجنسين: بتشجيع كرة القدم النسائية والحديث عن أهميتها. * حماية البيئة: التوعية بمخاطر التغير المناخي وترشيد الاستهلاك. * تعزيز الصحة النفسية: التحدث بانفتاح عن الضغوط النفسية التي يواجهونها لتشجيع الآخرين على طلب المساعدة. 3. المسؤولية نحو الشباب والأجيال القادمة: * إلهام الأحلام: قصص صعود اللاعبين من الخلفيات المتواضعة إلى العالمية تكون مصدر إلهام هائل للشباب، تظهر لهم أن المستحيل ممكن. * تشجيع الرياضة والصحة: يدفع اللاعبون الشباب لممارسة الرياضة واتباع نمط حياة صحي، مما يساهم في مكافحة أمراض مثل السمنة. * تعزيز التعليم: يمكنهم حث متابعيهم على الاهتمام بالدراسة والتعلم، وإظهار أن النجاح في الرياضة لا يتعارض مع النجاح الأكاديمي. 4. المسؤولية نحو الرياضة نفسها حماية سمعة الرياضة: بتجنب السلوكيات السيئة مثل العنف أو تعاطي المنشطات، التي تلطخ صورة كرة القدم. * نقل المعرفة والخبرة: بعد الاعتزال، يمكن للاعبين المساهمة في تطوير الرياضة من خلال تدريب الشباب أو العمل في الإدارة. رسائل اعلامية يجب ان تصدر منهم: إن المؤثرين في المجتمع لهم دور كبير بخصوص قيادة دفة المجتمع على المستوى المحلي، بسبب ما لهم من تأثير وقيمة مهما اختلفت مصادر تأثيرهم. ولاعبو كرة القدم ذات الشعبية الأولى والتي يتابعها جميع أفراد المجتمع بمختلف مكوناته السنية والجنسية والثقافيه والتعليمية، حيث أن لهؤلاء اللاعبين قيمة عالية في أذهان وأنفس أفراد المجتمع مما يجعل قيمتهم في التأثير عالية جداً. ولنتخيل أنه لو كان قام مائة لاعب من اللاعبين الوطنيين من ذوي التأثير بتقديم عدد من الرسائل الإعلامية ذات المحتوى الموجّه إلى المجتمع على تعدّد شرائحه، خلال الموسم الرياضي.. فماذا سيكون عليه الحال في توجيههم لأي قضية أو شأن محلي أو ظاهرة تحتاج إلى علاج أو تصحيح. فحتماً سيكون لتلك الرسائل الأثر الإيجابي على المجتمع بشكل عام مما يعزز لُحمة المجتمع بكل أطيافه،فهل نجد من يتبّنى ذلك؟ المشاركة الفاعله في المناسبات وتوجيه الناس: الحدث الاجتماعي في حياتنا قائم ومتعدد ومستمر مما يجعلنا في حاجة إلى تبصير وتوعية المجتمع من خلال المشاركة الفعلية من القدوات والنماذج في المجتمع والمؤثرين منهم، فقيمتهم عالية جداً يجب استغلالها أحسن استغلال. ونعلم أن لاعبي كرة القدم لهم جمهورهم ومحبّوهم الذين يتطلّعون إلى سماع كلمة أو توجيه منهم ليقتدوا بهم. القدوة في المظهر والسلوك: المظهر هو الجوهر الخارجي للإنسان ، ولاعبو كرة القدم من أبرز الأفراد الذين يتأثر بهم الجيل الصغير والشباب منهم. لذا ألم يحن الوقت إلى أن يُعيد هولاء النظر بجوهرم الخارجي ويُظهروا أحسن الصور لهم من حيث اللبس والشكل والسلوك وقصات الشعر سواء داخل الملعب او خارجه، فهم لا يمكن أن يعيشوا بمعزل من المجتمع. وهنا يجب أن نذكر بأنه لايقتصر الكلام على من هم في أرض الملعب وما يزالون يلعبون كرة القدم، فحتى المعتزلين منهم، والذين تسنموا مقاعد التحليل والنقد الرياضي؛ عليهم أن ينبذوا الأسلوب الذي يدعو إلى التعصب والكراهية بسبب الميول الرياضية، وأن يكونو قدوة بمحتوى الطرح وأسلوبه. التمثل بالقيم المجتمعية: نحن نعلم أن لكل مجتمع قيمه وتقاليده التي تشكل هويته بين المجتمعات الاخرى. وهنا تبرز قيم كل مجتمع بتفردها عن بقية المجتمعات الاخرى.. لذا يجب أن يكون هؤلاء ممن يمتثل ويمثّل القيم المجتمعية بمظهره وسلوكه داخل الملعب وخارجه، حيث أنه قدوة يقتدي به جيل الشباب والمراهقين. أمثلة عملية من أرض الواقع: القدوات في هذا المجال كثر ولا يخلو أي مجتمع منهم ومساهماتهم الفعلية بالمجتمع تعتبر مناراً للآخرين حيث كانت المسؤولية الاجتماعية عالية في قيمهم وأخلاقياتهم، وتمثّلت بسلوكيات عالية الإنسانية. وهنا نورد بعضاً من تلك النماذج لعلها تشجع شبابنا من اللاعبين المحليين إلى الاقتداء بها. ومنهم على سبيل المثال لا الحصر : 1. أحمد موسى (نيجيريا ) - تبرعات مالية: أنفق 2.7 مليون دولار لتكفل 100 طالب في جامعة “سكاي لاين”. - مشاريع مجتمعية: - بناء مجمع رياضي في مدينة كانو. - توفير مواد غذائية للأسر الفقيرة خلال رمضان. - تمويل منشأة رياضية في الولاية الشمالية. - التأثير: مساعدة الأطفال والسجناء والفقراء في نيجريا. 2. محمد صلاح (مصر – ليفربول) - مستشفى الأطفال: ساهم في بناء مستشفى للأطفال في مركز بسيون بقريته نجريج(مسقط رأسه). - مشاريع تعليمية: تمويل برامج محو الأمية وتنمية الشباب. - التأثير:تحسين الرعاية الصحية والتعليم. 3. كريستيانو رونالدو (البرتغال ): -مؤسسة رونالدو: دعم مشاريع مكافحة الفقر، توفير مياه نظيفة، بناء مدارس. - أزمات: تبرع لمستشفيات خلال جائحة كورونا. - التأثير: مشاريع في البرتغال، إنجلترا، وإفريقيا. 4. ليونيل ميسي (الأرجنتين ) - مؤسسة ميسي: دعم التعليم والصحة للأطفال المحرومين. - مشاريع سكنية: بناء وحدات سكنية في الأرجنتين . - التأثير:تحسين حياة آلاف الأطفال والشباب. 5. ساديو ماني (السنغال ): - مستشفى في بامبالي: بناء مستشفى ومركز صحي في قريته. - تبرعات: توزيع أغذية ومواد مدرسية. - التأثير: تطوير الخدمات الصحية والتعليمية في السنغال. 6. رياض محرز (الجزائر – الأهلي السعودي) - مؤسسة محرز: دعم الأطفال الأيتام، توفير منح دراسية. - التأثير: مساعدة الفئات المحرومة في الجزائر . 7. جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية (السعودية): - دعم اللاعبين السابقين: توفير سكن وعلاج، فرص عمل. - تبرعات مالية لبعض الاسر ، وتبني التطوع لاعمال. هؤلاء اللاعبون استغلوا شهرتهم لتقديم الدعم المجتمعي من خلال التبرعات المالية، بناء المستشفيات، المدارس، المجمعات الرياضية، ودعم الفئات المحرومة. تأثيرهم تجاوز الحدود، وساهم في تحسين حياة الكثيرين. الخلاصة: مسؤولية لاعب كرة القدم تجاه مجتمعه مسئولية أخلاقية وإنسانية. عندما يستخدم اللاعب نجوميته وقوته التأثيرية لخدمة الصالح العام، فإنه لا يرفع من قيمته كشخصية عامة فحسب، بل يصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الآلاف، بل الملايين. في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح صوت اللاعب أقوى من أي وقت مضى، ومع هذه القوة تأتي مسؤولية عظيمة يجب أن يدركها كل من يرتدي قميصًا ويمثل قدوة للآخرين. فهل نجد حراكاً رياضياً اجتماعياً من لاعبينا المحليين ليقتدوا بغيرهم ويصبح لهم دور فاعل نحو مجتمعهم. فالمجالات أمامهم كثيرة ومتاحة؟