في خضمّ جهود المملكة المتواصلة لتعزيز الوعي البيئي وتوسيع الرقعة الخضراء في المدن، يعود إلى الواجهة واحدٌ من أكثر الملفات البيئية إثارة للجدل في العقود الماضية: قرار إتلاف أشجار الغاف (البرسوبس) الذي صدر في منتصف التسعينيات الميلادية و شكّل نقطة انعطاف في مسار تشجير المدن. وفي هذا الملف، يقدم الأستاذ إبراهيم البليهي الكاتب والمفكّر المعروف، والذي يستند كذلك إلى خبرته العملية حيث شغل منصب رئيس بلدية ومديراً عاماً للشؤون البلدية في عدد من مناطق المملكة، يقدم رواية موثقة لما جرى: خلفيات القرار وملابسات صدوره، والمواقف العلمية والرسمية التي واجهته، والأثر العميق الذي تركه في الوعي البيئي للمجتمع. ملفٌ يعيد فتح السؤال: كيف نشأ القرار... ولماذا بقي أثره ممتدًا رغم زواله؟ حين صدر قرار إتلاف تشجير المدن؛ كتب الدكتور عبدالله القفاري بجريدة الرياض مقالاً طويلًا من حلقتين بعنوان (فضيحة حضارية) ردًّا واستنكارًا لقرار وزارة الشؤون البلدية والقروية بإتلاف أشجار الغاف (البرسوبس) وكان هذا النوع من الأشجار هو النوع الذي تحمَّل أقسى الظروف الصحراوية فاكتست المدن باخضرار بهيج؛ ثم فوجئنا بذلك القرار الغريب العجيب غير المسبوق؛ بإتلاف عشرات الآلاف من الأشجار التي كانت تزدان بها المدن؛ فانشغل عمال البلديات بإتلاف الأشجار التي كانت تزدان بها المدن بدلاً من غرس المزيد منها في مشهدٍ مأساويٍّ يُجسِّد الفضيحة الحضارية التي وصفها الدكتور عبدالله القفاري فقد كان معظم التشجير بمدينة الرياض ومدن القصيم ومدن الوشم ومدن سدير ومعظم مدن المملكة؛ من أشجار البرسوبس التي هي في الأصل من أشجار البيئة فهي الشحرة التي أثبتت التجربة أنها الأكثر نجاحًا في البيئات الصحراوية الجافة؛ وتَشَكَّل لها في العالم منظمة عالمية تستهدف توعية العالم وخصوصا الأمم التي تعيش في الصحاري بأن التركيز على شجرة البرسوبس واسمها العربي (الغاف) هو الوسيلة المتاحة لتخضير الصحراء وهي الشجرة التي أوصت بها أيضا وزارة الزراعة في خطاب رسمي معمَّم من وزارة البلديات نفسها؛ لذلك فوجئ المسؤولون بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارة الزراعة ووزارة المواصلات ومركز دراسات الصحراء بجامعة الملك سعود وكليات الزراعة في المملكة وكل الجهات ذات العلاقة فبادرت هذه الجهات بمعارضة القرار بخطابات رسمية على غير المعتاد فقد رأى الجميع أن القرار كارثي ولابد من الإسراع في مواجهته، كما فوجئ المثقفون والعارفون والمهتمون بهذا القرار فتصدى له عدد من الكتاب من أبرزهم الدكتور حرب الهرفي والدكتور محمد القنيبط كما كتب الدكتور عبدالله القفاري مقالا ضافيا من حلقتين طويلتين بعنوان (فضيحة حضارية) ثم علم المقام السامي بذلك القرار الفضيحة فأرسل أمرًا برقيا بوقف تنفيذ القرار وطلب من الجهات العلمية رأيها وبعد أن تلقى إجابة الجهات العلمية أصدر أمرًا حاسمًا بإلغاء القرار وتأكيد الاكثار منها في تشجير المدن؛ وسنورد نصوصًا حاسمة وردت بالأمر السامي الكريم. في البداية نُذَكِّر أنه بعد تجارب طويلة فاشلة في تشجير المدن قامت الأمانات والبلديات بالتركيز في تشجير المدن على شجرة البروسوبس وذلك بناء على تعميم معالي وزير الشؤون البلدية والقروية رقم1200 في20/10/1405هـ المبني على خطاب معالي وزير الزراعة والمياه رقم 69838 في 13/9/1405 الذي: ((أوصى بزراعتها وإكثارها في الشوارع والحدائق العامة)) إن هذه التوصية من وزارة الزراعة والمياه المؤكدة من وزارة الشؤون البلدية؛ قد جاءت في وقت كانت الأمانات والبلديات تبحث عن حل لأن الأمانات والبلديات قد عانت طويلاً من كثرة التجارب الفاشلة حيث تكرر الإخفاق بسبب قسوة البيئة الصحراوية فضاعت الجهود وتم استهلاك الزمن مع أنواع لا تتحمل قسوة الظروف المناخية الحارقة ولكن ما أن تم الأخذ بتوصية وزارة الزراعة فحصل التـركيز على شجرة البرسوبس حتى عمَّ الاخضرار كلَّ المدن في منطقة الرياض والقصيم وسدير والوشم وتبوك وفي كل المدن التي تقع في النطاق الصحراوي فكانت شجرة البرسوبس هي الشجرة التي جعلت جهود التشجير تحقق نجاحًا عظيمًا وتحرز نتائج ملموسة ابتهج بـها الجميع ولكن ما أنْ تم الابتهاج بالإنجاز؛ بعد سنوات من الجهود المثمرة حتى فوجئ الجميع بصدور قرار من وزارة الشؤون البلدية والقروية بإتلاف ما تم إنجازه وادعى القرار بأن لقاح الشجر يسبب الحساسية لبعض الناس، لقد تعامل مُعِدُّ القرار مع هذه المعلومة وكأنها اكتشافٌ استثنائيٌّ خارق، وتَجاهَل حقيقة أن آلاف النباتات يتطاير لقاحها وقت التزهير فتسبب حساسية لمن لديهم خللٌ مناعيٌّ. وبهذا التجاهل لحقائق بديهية صدر القرار بإتلاف إنجاز عظيم تحقق خلال ثلاثين عاما وقد تحقق بناء على تجارب سنوات طويلة من الإخفاق وضياع الجهود وقد كان هذا التركيز بناء على توصية من وزارة الزراعة المؤكَّد من وزارة البلديات ذاتها؛ ولم يتحقق ذلك الإنجاز العظيم إلا بعد جهد جهيد والغريب أن القرار قد اعتمد على ظاهرة معروفة في كل العالم ولم يكن اكتشافًا خارقًا لكن الذي أعدَّ القرار من الواضح أنه يجهل البديهيات فالتحسس من حبوب لقاح النباتات هو ظاهرة معروفة في كل العالم لكن الأمم تتعامل مع ذلك كشيء طبيعي لا مجال لتحاشيه فلكل شيء في الوجود جوانب إيجابية وأخرى سلبية فحوادث السيارات كثيفة ومروعة ولكن لا أحد يطلب منع استخدام السيارات وهكذا كل أمور الحياة فلا يوجد خيرٌ محض بتاتًا. إن قرار وزارة الشؤون البلدية الذي صدر في عام 1416هـ بإتلاف تشجير المدن رغم أنه تسبب في خسارة وطنية كبرى ونتجتْ عنه كارثة بيئية فادحة وفضيحة حضارية فهو قرار صادم ومتجاوز وغريب وغير منطقي بل إنه قرارٌ مدمر للبيئة وللوعي البيئي إنـه يمثل جرأة غير مسبوقة من أية جهة تنفيذية ويمثل تجاوزًا للصلاحيات الإدارية التنفيذية؛ فلم يسبق لأية جهة حكومية أن أقدمت على مثله لأن المسؤولين في كل القطاعات الحكومية يَعْلَمون بداهةً أنـهم تنفيذيون وأنـهم لا يملكون صلاحية إصدار قرارات مصيرية تتعلق بمنجزات وطنية عامة كهذه!!! ثم إن القرار يتعارض مع توصية وزارة الزراعة والمياه كما يتعارض مع تأكيد وزارة الشؤون البلدية والقروية ذاتـها والشيء الأهم هو أن القرار يتعلق بمنجز وطني ويتجاوز الحدود التنفيذية التي تحكم قرارات القطاعات التنفيذية، ومضادٌّ لحقائق العلم والتاريخ والواقع. إن مثل هذا التجاوز المدمر يجب التوقف عنده طويلاً لئلا يتكرر فحدود صلاحيات التنفيذيين معروفة بداهةً لكن قد يأتي من يجهل البديهيات فما يجب تكرار إيضاحه هو أنه رغم كل ما نتج عن القرار من خسائر بيئية ومادية وجمالية إلا أن نتائج القرار في تدمير الوعي البيئي في المجتمع كانت أشد فداحة وأفظع مُصابًا وأكبر هَولاً فقد كان قرار الإتلاف صاعقًا ويمثل خرقًا وتجاوُزًا غير مسبوق. إن الخسارة الأبشع هي تدمير الوعي البيئي في المجتمع وهي خسارة فادحة يصعب حصر نتائجها السلبية لأنـها تتوالد بتوالد الشائعات وتمتد بامتداد الزمن وتتسع باتساع الخيال الشعبي وهنا علينا أن ندرك بأن الضرر الذي أصاب وعي الناس أفظع من إتلاف تشجير المدن رغم ضخامة وتنوع الخسائر وهنا علينا أن ندرك بأن الضرر الذي أصاب وعي الناس أفظع وأبشع من إتلاف إنجاز ثلاثين عامًا بامتداد المناطق والمدن والقرى فتدمير الوعي البيئي هو الخسارة الأشد ضررًا والأوسع امتدادًا والأدوم تأثيرًا فقد ظلت الدولة سنوات طويلة وهي تبني الوعي البيئي وتنمي الحس الوطني بأهمية التشجير فقد كانت الدولة بكل قطاعاتـها وبجميع مدارسها وجامعاتـها تحتفل سنويا بأسبوع الشجرة فخلقت وعيًا بيئيًا عامًا رائعًا لكن حين فوجئ الناس في كل المناطق بقرار الوزارة بإتلاف تشجير المدن أُصيبوا بصدمة مزلزلة فحصلت انتكاسة شديدة للوعي البيئي. موقف سمو أمير الرياض إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أطال الله عمره ومدَّ في البلاد ظله حين كان أميرًا لمنطقة الرياض لم يكن راضيًا عن قرار وزارة الشؤون البلدية فأرسل لها برقم4937 في18/9/1417هـ يُسائِلُها عن هذا القرار ويؤكد أنه سينجم عن القرار مشاكل وأعباء وقد حاولت الوزارة تبرير قرارها بالخطاب رقم 49668 في8/11/1418هـ ثم كررت محاولة التبرير بالخطاب رقم 11454 ومن الواضح من تكرار التبرير أن موقف الملك سلمان بن عبد العزيز (حين كان أميرًا لمنطقة الرياض) كان غير راض عن القرار وقد ثبت فيما بعد بالدراسات العلمية وبالأمر السامي الكريم 5076 في3/4/1422هـ أن القرار خاطئ وأنه لا يستند إلى أي أساس علمي. موقف سمو أمير القصيم إن قرار إتلاف تشجير المدن قد دمَّر الوعي البيئي الذي بنته الدولة خلال سنوات طويلة فالوعي البيئي قد دمَّره القرار بضربة قاتلة فحدثت انتكاسة شديدة في الوعي بأهمية التشجير فصار الناس يبادرون بقطع الأشجار التي تحيط بمنازلهم وتحولت الأشجار إلى مصدر للخوف بعكس ما كان سائدًا قبل القرار لأن القرار أوهم الناس بأن هذه الأشجار مضادة للحياة وأنـها متلفة للصحة فكانت الخسارة الفادحة في تدمير الوعي البيئي وخَلْق أوهام عامة مربكة عن الصحة والمرض فصارت الخسارة انتكاس وخسارة الوعي البيئي أفظع وأعمق ضررًا من خسارة إتلاف تشجير المدن فالوعي من أصعب الأمور أن يستعاد وأن يتم إحياؤه بعد أن يتم تدميره حيث تم غرس وإشعال الخوف الوهمي في نفوس الجميع فصارت الأشجار عدوًّا لابد من استئصاله وملاحقته في كل مكان لمنع ظهوره إن خطابات صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم رقم 166 في21/2/1417هـ ورقم 95 في 29/1/1417هـ ورقم 96 في 29/1/1417هـ ورقم29161 في20/11/1418هـ إن هذه الخطابات المعممة على كل الأجهزة الحكومية بمنطقة القصيم تؤكد أنه حصل تدمير ساحق للوعي البيئي بعد صدور قرار الإتلاف فاندفع الناس لإتلاف الأشجار التي تحيط بمنازلهم بل صاروا يذهبون للبراري لاجتثاث أشجار البرسوبس التي بدأت تنتشر تلقائيًا في البر لأنها أصلاً من أشجار البيئة؛ وقد صارت الأشجار الضخمة بظلها الوارف واخضرارها الناصع تتعرض للإتلاف بشتى أساليب الإتلاف وكم شعرت بالألم وأنا أشاهد الأشجار الضخمة في حي الموطَّا وفي أمكنة أخرى من مدينة بريدة تجف وتموت بسبب أن البعض صاروا يَصُبُّون على جذورها مواد بترولية وهنا يتضح أن الخسارة الحقيقية ليست فقط سلب المدن اخضرارها وإلحاق خسارة كبرى بالبيئة وإنما الخسارة الأشنع هي التدمير الفظيع الذي أصاب الوعي البيئي في كل الوطن فالناس اعتقدوا أنه قرار حكومي من أعلى سلطة فلم يكونوا يعرفون نوع المشكلة فتوهموا أنه لم يصدر قرار الإتلاف إلا لأن الحكومة قد اكتشفت أمرًا خطيرًا لا بد من إنقاذ الناس منه فلا أحد يتصور أن قرارًا خطيرًا كهذا يمكن أن يصدر عن مسؤول تنفيذي فلم يسبق أن حصل من أي وزارة أخرى أي قرار مماثل ولم يعلم الناس أنه ليس قرارًا حكوميًا وإنما هو قرار إداري وصَفَه المقام السامي بأنه قرار خاطئ من وزارةٍ لم تلتزم بحدود صلاحياتها التنفيذية. فالمسؤول الإداري ومَن دونه هم مسؤولون تنفيذيون وليسوا حكَّامًا ولا مشرِّعين. وليس لأي منهم صلاحية إتلاف منجز وطني عام. إن تشجير المدن هو إنجازٌ وطني واسع وعظيم وممتد من نجران جنوبًا إلى تبوك شمالاً وقد تحقَّق في ظل قيادات إدارية متعاقبة ووزراء آخرين ومتابعة شخصية من الملك فهد رحمه الله فقد كان ذلك الملك العظيم يتابع تشجير وتجميل المدن متابعة مستمرة وقد حدَّثني أمين مدينة الرياض عبد الله النعيم رحمه الله بأن الملك فهد رحمة الله عليه كان يستدعيه ويقوم معه بجولة في أحياء مدينة الرياض وكان التشجير والتجميل ضمن اهتماماته الواسعة الكبرى وكان رحمه الله يفعل ذلك في أية مدينة يذهب إليها كجدة والطائف والدمام فتشجير وتجميل وتطوير المدن كان باهتمام ورعاية ومتابعة الرأس الأكبر القائد الأعلى في الدولة ولا يملك أي مسؤول تنفيذي أن يصدر قرارًا بإتلاف هذا المنجز الضخم الذي اهتم به ورعاه وتابعه الملك فهد رحمه الله؛ فقرار الإتلاف ليس فقط عدوانًا على البيئة وتدميرًا للوعي البيئي وحرمانًا للمدن من ثوبـها الأخضر وانتقاصًا للوزراء السابقين الذين تم التشجير في ظل إدارتهم وقد تم التركيز على هذا النوع من الشجر بتوصية من وزارة الزراعة وتأكيد من وزارة الشؤون البلدية ليس هذا فقط بل إن القرار يتعارض مع التوجه الرسمي للدولة في تحسين البيئة؛ ويتعارض مع برامج التشجير، إن القرار تجاوزٌ للحدود التنفيذية للوزارة وقفزٌ للحدود السيادية وإساءة عامة كبرى مازال الوطن يعيش نتائجها المدمرة ولأن القرار بـهذه الخطورة فقد اعتقد الناس أنه قرار حكومي على أعلى المستويات فتفنن الخيال الشعبي في التضخيم والتهويل فتعرض تشجير المدن لاستئصالٍ فظيع رغم كل الأوامر وكل الحقائق التي تؤكد أن القرار كان خاطئا وأنه مبني على جهل بحقائق التكاثر النباتي وهنا يتضح أن الخسارة الأكبر والأبشع هي التدمير الفظيع الذي أصاب الوعي البيئي في كل الوطن وهذه معضلة مدمرة ومن الصعب أن يتم التدارُك وخَلْقُ الوعي الذي تم إزهاقه لكن عهد الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان كفيل بتجاوز أية معضلة وتصحيح أي خطأ وإصلاح أي انتكاس وإنـهاء أي تلبُّك وفتح أي انسداد. فالمملكة تعيش كثافات تنموية غير مسبوقة؛ في كل الاتجاهات وعلى مختلف الأصعدة. اعتراض الأجهزة الحكومية على القرار ولأن القرار بـهذه الخطورة فإن الأجهزة الحكومية العلمية والأجهزة الحكومية ذات العلاقة بالبيئة قد فُوجِئتْ وصُدِمتْ بقرار وزارة البلديات رقم53309 في 17/12/1416هـ الذي قضى بإتلاف أشجار الغاف (البرسوبس) التي كانت تمثل القسم الأكبر من تشجير المدن في المملكة العربية السعودية من نجران جنوبًا إلى رفحا والقريات وتبوك شمالاً وتأتي في المقدمة مدينة الرياض. وقد مثَّل قرار الإتلاف صدمةً ليس فقط للأمانات والبلديات بل مثَّل صدمةً كبرى للجهات العلمية والجهات ذات العلاقة فبادرت كل الجهات الحكومية ذات العلاقة بالاعتراض الشديد على القرار وطالبت بالعدول عنه إن هذه المبادرات من جميع الجهات ذات العلاقة هي ذات دلالة عميقة فاعتراض كل الجهات كان مبادرة منها كرد فعل تلقائي على القرار المدمِّر: ــــ إن القرار قد عارضته بخطابٍ رسميٍّ مدينةُ الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية كما عارضته أيضا بتقرير علمي مفصَّل وقد جاء في الخطاب ما نصه: ((هذه الشجرة زُرِع منها في المملكة ملايين وأصبحت تُشَكِّل الغطاء النباتي الأهم في مدن المناطق الجافة في وسط وشمال المملكة)) كما أكدت مدينةُ الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية صعوبة إيجاد بدائل تتحمل قسوة البيئة الصحراوية ونصه: ((إن قسوة الظروف البيئية الصحراوية في المملكة لاتدع للعاملين في مجال التشجير سوى خيارات محدودة إلى درجة بالغة الصعوبة فالأشجار والشجيرات التي تتحمل هذه الظروف قليلة جدًا وقلَّما يوجد منها ما يمكنه أن يقاوم مجمل هذه الظروف من ملوحة وجفاف وحرارة عالية وسطوع شديد وقارية مفرطة وزوابع رملية)) وتضيف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فتقول: ((شجرة البرسوبس أثبتت خلال عقود عديدة جدارة وكفاءة عالية لاسيما في مقاومة الجفاف والملوحة بحيث يكاد يكون من الصعوبة بمكان إيجاد البديل المكافئ)) كما تم التأكيد بالخطاب نفسه بأن الحساسية ليست خاصة بـهذا النوع من الأشجار فحبوب اللقاح ظاهرة نباتية عامة فحتى لو تم البحث عن بديل فسوف يوصم بنفس ما وُصم به هذا النوع من الأشجار فالعالم كله يتعايش مع ظاهرة حبوب لقاح النباتات فهي ليست ظاهرة محصورة بنبات معين وإنما مئات النباتات بل آلاف النباتات يتطاير لقاحها وقت التـزهير ولولا ذلك لما كان ممكنًا التكاثر النباتي وعلى سبيل المثال فإن لقاح نبات الثيِل هو الأكثر تطايرًا ونباتات أخرى لا تُعد ولا تُحصى.