شمس الشام تشرق من جديد.

“ الساعة الآن السادسة وثمان عشرة دقيقة بتوقيت دمشق.. سوريا من دون بشار الأسد”. لن ينسى السوريون هذه العبارة التي أشرقت على قلوبهم تزامناً مع شروق شمس الثامن من ديسمبر 2024. عبارةٌ توّجت معاناة عقود من الظلم والطغيان، ولم تكن الأربعة عشر عاماً الماضية سوى الفصول الأخيرة في تلك الدراما السوداء من تلك الحكاية في تاريخ الشام. منذ اليوم الأول للتحرير، كانت المملكة – قيادةً وشعباً – مع الفرحة السورية، لقد ضجت مواقع التواصل بمظاهر الحب والود والانسجام بين الشعبين، الأمر الذي دعا الرئيس السوري أحمد الشرع في أحد تصريحاته ليقول: السعوديون والسوريون شعبٌ واحد في بلدين! في ذكرى يوم التحرير، ومن الجامع الأموي بدمشق، أعلن الرئيس أحمد الشرع عن هدية قدمتها له القيادة في المملكة، وهي عبارة عن قطعة من ستار الكعبة المشرفة تحمل آية قرآنية. الرسالة واضحة جداً، وكما جاءت على لسان الشرع: “من مكة إلى الشام”. وحين ضجّ المسجد الأموي الذي قيلت فيه تلك العبارة في يوم التحرير فقد وصلت الرسالة تماماً، رسالة (الشعب الواحد في البلدين) الشعب الذي سيعيد فجر التاريخ كما بدأه أول مرة . “من مكة إلى الشام” لا يمكن أن يمر كحدث عابر، فهي ليست هدية عابرة تأتي في سياق العلاقات الطيبة فقط، ولا العبارة عابرة أيضاً لمجرد رفع شعارات الوحدة والأمجاد. “من مكة إلى الشام” هي رسالة للمحيط الإقليمي، ولادة تكتّل عربي جديد، تكتّل فاتح، يحمل معه ذات الرسالة الأولى، ولكنها معاصرة بلغة وفهم اليوم. قد لا يتسع المقام إلى استعراض تفاصيل تلك العلاقة بين البلدين لتشمل كل المناحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وجهود الدبلوماسية السعودية لإنهاء العقوبات على سوريا، والدعم الحكومي السعودي للكثير من وجوه التنمية في سوريا، ولكن قد تكفي الإشارة إلى ملمح ملفت فاضت به الصور من ساحة الأمويين في دمشق وبقية المدن السورية، وهو أن أكثر علم تم رفعه في تلك الاحتفالات بعد العلم السوري هو العلم السعودي، ولا تكاد تجد صورة لا يظهر فيها العلم السوري جنباً إلى جنب مع العلم السعودي. هذا الملمح – بحد ذاته – هو أحد أوضح الأشكال المعبرة عن جوهر فلسفة “من مكة إلى الشام”.