المحررون
لسنا بحاجة إلى التذكير بأن الحراك الثقافي في المملكة بلغ اليوم مرحلة ناضجة من التطور والفاعلية، مكنته من الوصول إلى مساحات نوعية وصنع حضور مؤثر في ميادين متعددة. ولعل من أبرز شواهد هذا الحراك توقيع وزارة الثقافة مذكرة تفاهم مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية - التي نتابع تفاصيلها في هذا العدد - بهدف تطوير مسارات التعاون العلمي والثقافي بين الجانبين، ودعم البرامج والمبادرات البحثية المشتركة التي تسهم في إثراء المحتوى الثقافي الوطني وتعزيز الهوية السعودية. وقد حملت كلمات صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل معاني لافتة خلال توقيعه المذكرة إلى جانب صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة؛ إذ أشار سموه إلى أن الاتفاقية تشكل نقطة انطلاق لمبادرات بحثية وثقافية نوعية موعودون بها خلال المرحلة المقبلة. وفي سياق ثقافي متصل فقد افتتح الأمير تركي الفيصل النسخة الثالثة من أيام المروية العربية التي تأتي امتدادا لمسار معرفي يسعى إلى إعادة بناء السردية العربية. وفي هذا الإطار، نتابع هذا الأسبوع طيفا واسعا من الأنشطة الثقافية التي تشهدها مختلف مناطق المملكة: من مهرجان الرياض للمسرح الذي ينطلق منتصف الشهر بسلسلة من العروض المتنوعة، إلى مسابقة “اقرأ” التي ينظمها مركز إثراء والتي رسخت حضورها كإحدى أهم المبادرات القادرة على مد جسور القراءة بين شباب العالم العربي. أما في الطائف، التي منحتها اليونسكو لقب “مدينة الأدب”، فقد أعاد الناقد حسين بافقيه التذكير بمقولة الأمير شكيب أرسلان الذي رأى في المملكة الأمل القادم لنهضة العرب والمسلمين، وفي الملك عبدالعزيز قائدًا لتلك النهضة، في استحضار يؤكد ثبات المملكة وعمق حضورها الثقافي والإنساني. أما موضوع غلاف هذا الأسبوع، فيكتبه الكاتب والمفكر المعروف الأستاذ إبراهيم البليهي، متناولا أحد أكثر الملفات إثارة للجدل خلال العقود الماضية: قرار إتلاف شجرة الغاف (البرسوبس) الذي صدر في منتصف التسعينات الميلادية. ويسرد فيه خلفيات ذلك القرار وما واجهه من مواقف واعتراضات، ليعيد طرح سؤال لا يزال حاضرا: كيف نشأ القرار؟ ولماذا ظل أثره ممتدا رغم زواله؟ وفي صفحة “ذاكرة مكان” نستعيد هذا الأسبوع مسجد الفتح بالجموم، الذي عاد متألقا كتحفة معمارية بعد مشروع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية. وفي مقالات العدد، يكتب محمد القشعمي عن محمد العلي التركي، العالم المعلم في المساجد الثلاثة. ويتناول عبدالله الوابلي التطوّع بوصفه روحا تبني المستقبل. ويسلط الدكتور صالح الشحري الضوء على كتاب جدة وعبقرية المكان متناولا صفحاته المفعمة بفرادته الروحانية والثقافية. ويقدم الدكتور محمد الشنطي قراءة في عالم الشاعر جاسم الصحيح. وفي المنوعات، تكتب وجيهة الحويدر في “المرسم” عن عالم فريدا كاهلو ولوحاتها التي غدت أيقونة في الفن التشكيلي. وفي “السينما” يقدم سعد أحمد ضيف قراءة لفيلم “رجل الخشب”. ونختتم العدد بـ“الكلام الأخير”، الذي يكتب فيه وحيد الغامدي عن “شمس الشام التي تشرق من جديد”.