في مشهد تاريخي لم يحصل عليه الكثير من رؤساء العالم الذين زاروا أمريكا خلال العقود الماضية، رحب الرئيس الأمريكي ترامب بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض وأطلقت نيران المدفعية تعبيرا عن الترحيب الخاص بسمو ولي العهد الذي شاهد مع ترامب عرضا جوياً لمقاتلات عسكرية أمريكية، لقد وقف الرئيس ترامب مستعداً وهو ينتظر وصول سمو ولي العهد، ونقلت وسائل الاعلام العالمية صور ترامب وهو يفتح ذراعيه مرحبا بسمو ولي العهد في لفتة تعبر عن الإنجازات التي حققتها السعودية بقيادة سمو ولي العهد والتي تمت قراءتها بشكل دقيق من قبل رئيس اكبر دولة في العالم. النقاش والحوار حول السعودية يدور منذ سنوات وتحديدا منذ إطلاق رؤية 2030 وكيف ستحقق هذه الرؤية إنجازاتها المعلنة، لقد صنع سمو ولي العهد خلال لسنوات الماضية تحولات كبرى في مفهوم صناعة الدول وبناء القوة ورسم الاستراتيجيات، فمشهد سمو ولي العهد في واشنطن يعكس ان الرؤية الناجحة تصنع القادة وتصنع الدول، فالسعودية اليوم تبدو للعالم كحالة ونموذج قادر على الاستجابة للتحديات والتحولات الكبرى وبناء علاقات استراتيجية مع القوى الدولية بكل نجاح. المشهد السعودي الذي ظهر في واشنطن بقيادة سمو ولي العهد يخبر العالم ويخبر المنطقة ان الدول التي تمتلك القادة والرؤى الاستراتيجية يمكنها ان تتجاوز التحديات فرغم العلاقات السعودية الامريكية الطويلة والتي تمتد لتسعة عقود، إلا ان هذه الزيارة عكست مفهوما أكثر عمقا حول السعودية التي حققت خلال العقد الماضي إنجازات كبرى تجاوزت هواجس منطقة الشرق الاوسط المليئة بالتعقيدات الى مفهوم الدولة الفاعلة التي تتقدم في تحقيق وفرض معايير جديدة حولها ودورها العالمي الصاعد فالسعودية صنعت خلال العقد الماضي مسارتها الواضحة نحو التنمية والاستقرار وصناعة السلام الإقليمي والعالمي. الشراكة السعودية الامريكية تنطلق من مبادئ راسخة، فالسعودية اكبر اقتصاد في المنطقة وهي مركز أساس لصناعة القرار العربي والإسلامي، وعندما يكون ولي العهد في أمريكا فهذا يعنى ان سموه يمثل المملكة العربية السعودية الدولة التي تنظر اليها أمريكا كمفتاح رئيس للمنطقة، يتبنى عناصر وملامح صناعة الاستقرار في المنطقة، فالسعودية ركزت جهودها خلال العقد الماضي على بناء نموذج تحديثي قادته رؤية 2030 التي حولت السعودية الى دولة تعتمد نموذجا تنموياً جاذباً ومثير للاهتمام يعتمد على قيادة فاعلة من سمو ولي العهد هذه القيادة تعتمد المرونة وسرعة التكيف مع المعطيات الإقليمية والدولية. تلك هي السعودية وذلك هو سمو ولي العهد قائد الرؤية الذي ظهر في واشنطن بمراسم استقبال غير مسبوقة، هذه القيمة العالمية المتجددة للسعودية تم صناعتها عبر التاريخ ولكن العقد الماضي كان منعطفا مهما في التحول السعودي، فالسعودية قدمت للعالم قائد وسياسي ناجح يحمل رؤية نحو المستقبل لن تتوقف، فالمستقبل والطموح السعودي عكسته تلك الاتفاقات والشراكات الاستراتيجية التي تم توقيعها خلال هذه الزيارة. السعودية تسعى ان تثمر جهودها التنموية الى تحقيق إنجازات غير مسبوقة ليس في الجانب الاقتصادي والاستثماري فقط بل على المستويات الاستراتيجية الكبرى، السعودية كما قال سمو ولي العهد تسعى الى تحقيق التقدم ولذلك هي تسخر إمكاناتها المادية والسياسية من اجل بناء مستقبلها، في المجالات العسكرية والشراكات الاستراتيجية للذكاء الاصطناعي والتعاون في مجالات الطاقة النووية المدنية وكذلك تسهيل الاستثمارات المتبادلة والشراكة المالية والاقتصادية المؤدية للازدهار الاقتصادي. هذه الزيارة صنعت للعالم الصورة الأكثر وضوحا عن المملكة العربية السعودية ومكانتها العالمية اليوم والتي ظهرت بوضوح في مراسم الاستقبال المميز لسمو ولي العهد وتلك الاتفاقات الاقتصادية والعسكرية التي تم توقيعها، فالإنجازات التي تحققت لم تكن مجاملة أمريكية للسعودية بقدر ما هي ايمان مطلق للدور السعودي الدولي والإقليمي، وتلك الإنجازات الفعلية التي قدمتها رؤية السعودية 2030 بقيادة سمو ولي العهد، فالاتفاق الدفاعي الاستراتيجي وصفقة الطائرات (F35) والاتفاقات الخاصة بالذكاء الصناعي والبرنامج السلمي النووي مثلت إنجازا تاريخي حققته السياسات التي تبناها سمو ولي العهد من اجل المملكة العربية السعودية ومكانتها الدولية والإقليمية. * كاتب سعودي