صيغةٌ أخرى للتلويح.
وأنت تغادر مدينتك الجميلة تطيلُ الأشياءُ النظرَ في ملوحة وجهِك، وجهُك الذي يريدُ أن يتحولَ لغرضٍ ما فتتخيل إن كانت وضعته أمك في إحدى حقائبك. الأغراضُ كالأحزانِ عادةً شخصيةٌ جدًّا.. لا أترك مجالاً لأمي حتى تقوم بمهمةٍ كهذه. أعرفُ جيّدًا ماذا يحصلُ حين تختلي الأمهاتُ بحقائب أبنائهن المسافرين.. وكيف يلثُمن القمصان الفارغة من الإبصار. حتى أنت.. بإمكان وجهك أن يخونك يستدير محاولاً التسللَ في الزحام سيفكر بالتلاشي بين كتفيك على طريقة أنتل الراديوهات. يحدث ذلك حين تتجمهر حولك عشراتُ الوجوه لتودعك، ثم تشعر بالتشويش المفاجئ مثل الهكر الإذاعي قديما.. حين تحدِّدُ وجهتَك القادمة ستفقدُ وجهَك الحالي.. فالوجوه التي لا تريد رؤيتها الآن، ستحمُلها معك، أو سيتدربُ أصحابُها على هشاشـاتك القادمة. وجهٌ وحيدٌ يزحفُ دومًا إلى جيب صاحبه يدعي إصابة ما.. ثم يطلب تبديلًا طارئاً مع الوجه المُقَعِّي في صورة الجواز.. ها هي محفظتي تكبُر تدريجيًا كسماعةِ طبيب بائس.