أشياءُ لم تَصِلْ.

تعلَّمتُ أن أُغلِقَ النوافذَ قبلَ الغروبِ كي لا يتسرَّبَ المساءُ بأسماءَ لا تَخصُّني. لم يكتملْ شيءٌ، ولا أنا ظلَّتِ القصائدُ ناقصةً كأنَّ الحرفَ يخافُ أن يركلَني إن اكتمل. البيتُ الذي حلمتُ به صارَ جدارًا واحدًا يَصُدُّ الريحَ ولا يَحتويني. الضحكاتُ التي خبَّأتُها للفرحِ سُرِقتْ في الطريقِ إليه. وكلُّ الذين وعدوني بالبقاءِ مرُّوا كأنهم يعبرونَ حريقًا لا يَخصُّهم. وجهُ أبي ناقصٌ في الصورِ كأنَّ الحنينَ يَطمسُ ملامحَهُ كي لا أتورَّطَ في البكاءِ أكثر. حتى الحبُّ جاءني متعكزّا يعتذرُ لأنَّه لا يستطيعُ أن يركضَ بي بعيدًا. جميعُهم لم يُكمِلوا جُمَلَهم ولم أُكمِلْ انكساري. كنتُ أطرقُ أبوابًا تُفتَحُ للريحِ فقط وكلُّ الذين أحببتُهُم كانوا مشغولينَ بهفواتِهِم وبغُبارِ أحذيتِهِم وهم يغادرون. لم تكتملِ الرحلاتُ، ولا الرغباتُ ولا الأحلامُ التي كتبتُها على الهامشِ خوفًا من أن يراها أحد. كان عليَّ أن أكبرَ بسرعةٍ أن أبتلعَ فشلي بابتسامةٍ وأقولَ للعالمِ: “أنا جاهزةٌ لخيباتٍ أخرى لكنْ رجاءً... واحدةً في كلِّ مرةٍ.” أتعاملُ مع الذاكرةِ كأنها جسدٌ هشٌّ أُربّتُ على كتفِها وأطبعُ على جبينِها قبلةَ مواساةٍ. السنواتُ لا تمرُّ تتربَّعُ فوق صدري لتنتقمَ من قلبي. وأنا ما زلتُ أُخبّئُ وردةً على نافذتي لشخصٍ لن يجيءَ كأنَّ الوردَ يفهمُ الغياب. والمرآةُ التي تعرفني جيدًا تبتسم لأنها الوحيدةُ التي رأتني وأنا أقول: “أنا بخير” ثم أبكي... صامتةً. ——— *شاعرة بحرينية