لكل جيل ذاكرته.
هل يبني كل جيل ذاكرته؟ تنمو في بيئة ما ويكون لك أصدقاء في الطفولة، وأقران ربما تنتهي علاقتك معهم بمجرّد خروجك من الابتدائية، وقد تمتدّ للجامعة وسوق العمل؟ وفي مسرح الحياة الكبير يمضي معك أناس ليس بالضرورة أن يكونوا من أقرانك أو أقربائك، وربما جمعكم اهتمام واحد. المهمّ أنه مع توالي الأيام تمرّ بك الوجوه بين ردهات المدارس والمجالس ومنعرجات الحياة، لكنك تجد نفسك وفيًّا لجيل يشاكلك وأقرب لروحك، تتحلّى بصحبته كما قيل: خير الأخلاء من حلَّتك صحبته خيراً يزينك في الدُّنيا وفي الدين أجلس في المقهى أحيانًا برفقة (جهازي المحمول) أو كتاب أحمله وفنجان شاي مديني منعنع، وبالكاد التفت لأنني عادة ما أكون مشغولًا إمّا في القراءة أو تحرير مقال أو حتى أروّح عن النفس قليلاً كما أفعل الآن. هموم الناس في الحياة قد تتشابه أحيانا، فتجدهم يتحدّثون عن علاقاتهم الاجتماعية وظروفهم، وربما نظرتهم للحياة والأصدقاء إلا أنك تلمس لو ركّزت أنّ (لكل جيل ذاكرته) التي تتشكّل معه وفقًا لما يحيط به من معطيات. وكما تشاهد في المقهى شبابًا يمتلئون بماء الحياة -رعاهم الله- يتهامسون في شجونهم، تسمع من بعيد قهقهات بعض كبار السن وهم يستردّون بعض ذكرياتهم ومواقفهم، المهم أن الحياة لا تتوقّف وتمضي قدمًا. الحياة كما يعمرها الطموح والترقّي وحبّ الخير والعطاء لناسك ومجتمعك، وكما تعدّ القراءة من أكثر متعها الذهنيّة، هي تزهر كذلك بالأحبّة والأصدقاء يشاركونك الفرح، ويواسونك -لا سمح الله- عند كل كريهة. أمّا الأجيال وإن تشابهت في همومها الحياتية العامة، لكنها تختلف بنظرتها للحياة وطريقة تفكيرها، والإنسان في ربيع العمر، وفي قمّة طاقته وحيويته سيكون إقباله أكثر ودهشته مشتعلة دائمًا، وإذا ما استثّمر تلك الطاقة المتوهّجة والروح المتوثّبة فحتمًا سيكون خير إضافة لمجتمعه ووطنه، وهو ما نلمسه اليوم في وجود طاقات شابّة رائعة تتسنّم مناصب قيادية من الرجال والنساء يؤدّون أعمالهم على أكمل وجه. وفي خريف العمر تأتي الخبرة، والنظرة الفاحصة للأشياء، والإنسان مهما بلغ سنّه يتجدّد بالتجارب الجديدة والمعرفة، وإذا شحن نفسه بالقراءة المستمرّة فهو يضيف أعمارا إلى عمره. المهمّ أن يعرف الإنسان أين يضع قدمه.