شرفة الإبداع
لا نعرفُ للموتى أثرًا.
الموتى في الحربِ رصاصٌ أهوجُ، طقسٌ مأخوذٌ بقصائدَ حُبٍّ لم تَكتُبْ بعدُ وصاياها بالعطرِ فضلَّتْ، ضلَّتْ في التَّيهِ تشذِّبُ حسرتَها بالدَّمعِ المالحِ؛ كي تأخذَ حصتَها منْ وجعٍ مبلولْ. لا نعرفُ للموتى أثرًا غيرَ غِيابٍ لمْ ينضجْ، حزنًا بملامحَ ساخنةٍ جدًا، ضَحِكًا يتعالى في النِّسيانِ ويأتينا قبلَ الهجعةِ سَلِسًا. قالوا للموتى رائحةٌ تكمنُ في الصَّوتِ، ولكنَّ الصَّوتَ الكامنَ فينا منهمْ أولُ ما ننزلُهُ قبرَ النِّسيانِ قُبيلَ جنائزِهم. قالوا: لمْ نخرجْ للموتِ بمحضِ إرادتِنا، كنَّا نمشي موتى تحتَ القصفِ، وتحتَ الخوفِ، وتحتَ الرُّعبِ، وتحتَ نِصالٍ تتدفقُ من أفواهِ النَّاسِ؛ لذا لم نحفلْ بالحِكمةِ حتَّى غاصَ النَّصلِ عميقًا في الظَّهرِ؛ فأدركنا قيمةَ موتٍ يعرجُ في طرقاتِ اللهِ سنينًا كي يأتيَ مكتملًا وأليفًا.