فلنتورّط بالقراءة.
-أمي وقورة وخاشعة في حضرة الكتب. -في طفولتي كنت أظن الجرائد مقدسة -أمي دودة كتب، لقد عشتُ يتيمــاً -أمي مكتبة تخلو من كتب الطبخ، كبرتُ وأنا جائع! - كافكا متحدثًا عن أمه على النهج ذاته سار والدي كم حالت الكتب دون أن نحظى بتذوق نعمة الأبوة وعلى الوجه الأكمل في ظل (هوسي) أيضاً لا أعلم إن كان على الوالد ثمة مأخذ؟ ولدي ابنة تحول القراءة دون أن أكون لصيقة بها كل الوقت طالما الحديث عن الأمهات والآباء في ظل انصرافهم الأكبر إلى عالم الكتب كنت منهمكة كعادتي.. مأخوذة بقراءة بنص ما وإذ بابنتي تسأل في ذات ظهيرة: أمي ما عنوان الكتاب الذي سنتغدى عليه اليوم؟ موقف طالما تكرر معي وحدث مع كثير ممن اصطفتهم القراءة.. من هنا لابد لمحب الكتب والكتابة أن يفكر ملياً قبل أن يَتَوَرَّط أو (يُوَرِّط) مأزق جميل لا بأس به. فلنتورط ليس هذا فحسب.. بل علينا السعي نحوه نعلم جيدًا ما لهذا الانصراف من سمو ورفعة كما نعي تمامًا أنه مقرون بأمر لو أُخذ بشكل صحيح لا محالة ستترتب عليه حياة سليمة وفكر سوي وسلوك قويم لا يشكل أذىً وما حولنا من سوء يكاد يفتك بالكون برمته من منطلق ابق حيث الكتب؛ فالأشرار لا يقرأون. - افتتحت بشعور ووحشة الأبناء إزاء هوس بعض الآباء وهم بين يدي القراءة.. بعيدون تفصلهم نصوص ودواين عن البيت والأهل والحياة… والخاتمة يبدو ستأخذ منحىً آخر تدور حول القراءة وما لها من سحائب خير وأمطار تهذيب وتقويم.. عجبي من الذي (يقرأ) كيف لا يعتذر لو تعثَّر بحجـر كما قيل أو استغفر لو تحدَّث بـِ بذء من شأن القراءة أن تكون قارب نجاة كما عليها أن تُجَنِّب صاحبها مهاوي الغلظة، ولها أن تتحوَّل لمطارق تقوّم ما شذَّ.. وتدوزن ما اختلط وإلا ما معنى أن نجاور الكتب ولها من الفضائل ما لها؟! وقارئ (الأدب) تحديداً عليه أن يكون بقوام النسيم وأن يتحلّى بطباع قطرات الندى يهمي رقة، ويتهادى ذوقًا وجمــالًا بصيرًا يتقلَّب على فرش بطائنها مقص رقيب وعين فاحصة لا تدع خلية دون أن تدس فيه مجسات وحدقات.. وقرون استشعار. - من بعد هدي ربي وتوجيهه أدبتني القراءة، كما دوزنت غيري وما زالت تروض من أراد أن يتخلّص من بربربة عالقة وهمجية ممنهجة، وجهل مستديم رغيد… * كاتبة سورية