منصة إكس ولغة الجيل الشاب.
أظهرت إحصائية نُشرت مؤخراً أن مستخدمي منصة إكس (تويتر سابقاً) بلغ ما يزيد على 15مليون مُستخدم أي ما يقارب 40% من سكان المملكة العربية السعودية، ورغم الحديث العريض حول التأثير السلبي لعدد من منصات التواصل على اللغة العربية المكتوبة إلا أن منصة إكس تعد الأفضل فيما بدا لي من حيث المحتوى اللغوي، لعدة أسباب أذكر منها: 1/ منصة إكس تعتمد في أساسها على الكتابة وليست كأغلب المنصات الأخرى التي تعتمد على التواصل الشفهي أو البصري. 2| الإعداد المسبق للمحتوى وما فيه من التجويد الصياغي والمراجعة اللغوية بعكس المنصات الأخرى التي تعتمد على التصوير والنشر بشكل مباشر أو دون مزيد من التدقيق في الغالب. 3| وجود شريحة كبيرة من النخبة المثقفة من مفكرين ولغويين وأدباء في فضائها، فهي منصة كتابية تتطلب جدية واطّلاعاً، مما يزيد من تواجد الفئات المُطّلعة والجادة ويقلل من تلك الأشد عبثاً. 4| وجود قنوات التواصل والإعلام للكثير من الجهات والمؤسسات والجمعيات الرسمية والأهلية حيث جودة اللغة والصياغة. 5| ممارسة مرتادي منصة إكس باختلاف شرائحهم لعملية القراءة والرد الكتابي وتعاطيهم مع العديد من السياقات اللغوية والأدبية والفكرية الجيدة بقصد أو دون قصد. كل ذلك يُحيلنا إلى جودة لغوية نسبيّة في مساحة غير قليلة في فضاء هذه المنصة مما يُعلي ويُثري المخزون اللغوي قرائياً وكتابياً لدى مرتاديها. لغتنا العربية ليست انتماء ثقافياً وهوية عرقيّة فحسب، بل هي امتداد نفسي واجتماعي أشد عمقاً في بناء الشخصية الإنسانية الواثقة المعتزة بجذورها والمتطلعة إلى كل جديد و مفيد. وهي كذلك امتداد فكري نحو بناء عقلي متّقد يمضي إلى أبعد الآفاق ويفتّق أعتى الأبعاد؛ نظراً لارتباط نمو اللغة الأم لدى الإنسان بالنمو العقلي الخلّاق كما ذهب إلى ذلك العلماء البيولوجيون وفريق لا بأس به من الفلاسفة الذين ربطوا التطور اللغوي بالتطور العقلي والفكري لدى الإنسان؛ حيث قال الفيلسوف الألماني هيغل « إننا نفكر بلغتنا ونتكلم بفكرنا». هذا ولقد صُنّفت لغتنا العربية في الفئة الخامسة أي الأشد صعوبة من بين اللغات إلى جانب الصينية، والكورية، واليابانية، في دراسة أجراها معهد الخدمات الخارجية التابع للحكومة الأمريكية عام 2018م، وهذا يُحيلنا إلى أن صعوبة وعرامة هذه اللغة تعني أن زيادة إتقانها تتناسب مع نمو عقلي أشد تطوّراً. وفي قراءة انطباعية لي على عدد من الحسابات في منصة إكس لفئة من الشباب من منطقة الجوف، وعند مقارنة المحتوى الكتابي الحالي لهم مع محتواهم قبل عام، لاحظت تحسناً في اللغة إملاءً وصياغةً، أزعم أن التعاطي الكتابي والقرائي بشكل دائم في منصة إكس واطلاعهم المقصود وغير المقصود على الحسابات النخبوية والرسمية ساهمت في التطور اللغوي ولو بشكلٍ بسيط. الأمر يحتاج إلى دراسة وبحث أشد شمولاً وعمقاً إلا أنها ملاحظات انطباعية للمستوى اللغوي لدى عدد من مرتادي منصة إكس بشكل شبه يومي. وفي رحاب يوم اللغة العربية العالمي الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر وعلى أعتاب وداع عام الشعر العربي المجيد أتطلع بفأل إلى لغة عالية البهاء وفكر عميق البناء لجيل يعج بمنصات متفاوتة المحتوى والمضمون والأهداف، لتحقيق رؤية 2030م ، هذه الرؤية المشرقة التي رسمها شاب استثنائي مُلهم و طموح. * كاتبة وشاعرة منطقة الجوف