رأيتُ الألوانَ حزينةً.

1 - عصافيرنا واحدة عندما قرأتُ الشاعرَ الغواتيمالي “أمبرتو أكابال” سمعتُ أنينَ الجمرِ واضحاً في مَوقِدي ورأيتُ اِنبثاقَ اللّهبِ الذي أَعرفُهُ هناكَ، عندما اقتربتُ منه ووضعتُ وجهي في وجههِ أدركتُ أنّ عصافيرنا واحدة وأنّ ظِلالَ أغصاننا منذُ بكاءٍ بعيدٍ، تَكتُبُ على أرضِ الحقلِ: يا لَلأخوّةِ يا لَعُمقِ الأشجارِ وعُذوبتِها يا لَلأغنيةِ الخضراء يا لَلجذورِ ويا لَلرّحِم. *1 يوليو 2025* *** 2 - المطبوخون يَطبخُنا خُلوّ اليدِ من مصافحةٍ واحدة، وتَطبخُنا الأفواهُ الفارغةُ رُفعتْ على الرّفوفِ بِانتظارِ مناسبةٍ مُلائمة، نَتقلّبُ على كلماتٍ لا نجدُ وجهاً نرفعُها قُبالتَه مثل سِراجٍ ونَجمعُ فرحينَ قَسماتِه، تطبخُنا المنعطفاتُ التي لا يظهرُ منها أحدٌ، ويشوينا التوقّعُ الأبلهُ، أنّ ريحاً سَتمرُّ حاملةً إلينا رائحةَ ثيابٍ وأوراق نعرفُها، وَقعَ خطىً أو حفيفَ شَجر، تَطالُ جلودَنا القصائدُ طويلةُ اللهبِ، القصائدُ التي لم يَعدْ يعبُرُها أحدٌ، يَحرقُنا جيداً وبِكل قَسوةٍ أنّ شيئاُ مِن ذلك لا يحدثُ ولا أَثرَ لهُ؛ ويُسْلِمُنا هكذا لِلحزنِ، الحزنُ الذي يأكُلنا ويأكلُنا ويأكلنا بِشراهةٍ. *4 يوليو 2025* *** 3 - هَدِيل خَبَّأنا الأجنِحةَ عن الأصدقاءِ، ولَمْ نَدَعْ لَهُم حتّى رِيشةً واحدةً، لَفَفْنا القَوائِمَ بِلهفةٍ شديدةٍ ورَفَعناها في أماكِنَ بَعيدةٍ عن الظّنِّ، جَعلْنا الهَديلَ ضالَّتَهُم القَصيّةَ؛ لكنّنا لا نَعرِفُ بِأَيِّ سُوءٍ، بأيّ أغنيةٍ سوداء، وبأي قَسوةٍ حادَّة حَفَروا فِينا وَوَجدُوها. *4 يوليو 2025* *** 4 - منيرة موصلي أمس رأيتُ الألوانَ حزينةً رأيتُ الأحجارَ كامدةً تبحثُ بينَ نتوءاتِها عن فمٍ يسعُ صرخة. أمس لمحتُ منيرة تلوّحُ من وراءِ زجاجٍ معتمٍ لقطار… يعبرُ فوقَ عظامي ولا يعود. أمس الذي هو أمس خرجْنا معاً من أَرضيَ الضيّقة أنا وهي ألماً بألم. 4 يوليو 2025