غرائب مأساوية ..سير وحكايات..

لقطات من حياة الأدباء.

كتاب مليء بالتفاصيل المثيرة والمشوقة حيث يستعرض نجم عبد الكريم في كتابه الممتع “أدباء من العالم:  غرائب مأساوية ..سير وحكايات” الصادر عن رياض الريس للكتب والنشر أحداثا غريبة فعلا مرت على مشاهير الأدباء الذين أثروا الحياة الأدبية والإبداعية واحتوى الكتاب على أحداث ومواقف 13 أديبا أجنبيا وأديبين عربيين وهما المعتمد بن عباد والمازني. يتناول المؤلف أحداثا استثنائية ووقائع غير اعتيادية وقعت لكبار أدباء العالم، يروي جوانب من حياتهم، يقرأ نفسياتهم ويتناول لقطات محدودة لكنها مؤثرة جدا في شخصياتهم، وسلوكياتهم، ويقول في مقدمة كتابه “إن الوقوف على أحداث استثنائية من تجارب أدباء استثنائيين لا يعد تأريخا لحياتهم.. وهو محاولة استكشاف السر الذي كان يكمن وراء انطلاقتهم نحو الخلود الذي سجلهم كمبدعين” الكتاب ليس دراسة تحليلية أو نقدية لمنجزات هذه الشخصيات ولكنها كما يقول الكاتب “الوقوف على مواقف محددة مهدت إلى إبراز تلك الظروف التي حددت مكانة كل واحد منهم في عالم الإبداع. وقد يدهش القارئ عندما يقف على ما لا يصدقه عقل في تصرفات هؤلاء العظماء وتباين سلوكياتهم الغريبة أحيانا والمأساوية أحياناً أخرى ومعظمها تتفاوت ما بين الشذوذ، والتمرد، والانفلات الذي يصل إلى حد العبثية والجنون، بل والمرض، ناهيك عن الطرافة” يخبرنا الكاتب أن الأديب العالمي تشارلز ديكنز كان يذهب إلى السجن لتناول فطوره، لأن أمه وإخوته التحقوا بأبيه المسجون، بحسب القانون الانجليزي، فصارت الحكومة تطعم الأسرة كلها. وأنه تزوج ابنة صاحب الجريدة التي عمل فيها وأحب أختها، ومنع من الزواج بالثالثة بعد طلاق الأولى. وتصل قمة الإثارة إلى أن وصلته دعوة الملكة فيكتوريا لزيارتها غداة الليلة التي توفي فيها. ويوضح كيف تعرض ألكسندر بوشكين لأحقر مؤامرة ففضل الموت شابا من أجل زوجته التي استخدموها وسيلة لإذلاله ولأنه رفض أن يكون شاعرا للقصر ولم يبع عبقريته إلا للوطن والعالم. ويروي الكتاب دراما المعتمد بن عباد الذي يقتل أبا بكر بن عمار رفيق صباه وشعره ووزيره الأول، صديقه، ثم يبكي عليه وهي قصة مؤثرة تصف علاقة الملوك بأقرب المقربين إليهم والتي تصل في أحيان كثيرة إلى حد الشك والريبة. ويكشف الكتاب عن ندم المازني على ما كتبه ضد حافظ إبراهيم، لكنه لم يندم على نقده لطه حسين لأنه أشار إلى عاهة العرج التي لازمت المازني طيلة حياته وبالطبع لم يرحمه المازني وأشار إلى”عماه” ورد له الصاع صاعين بالاشتراك مع العقاد صديقه الأثير. ويشير الكاتب إلى أن المازني كان يسخر حتى من نفسه المازني وهذه السخرية دفعته إلى وضع بيتين يكتبان على شاهد قبره: أيها الزائر قبري أتلُ ما خط أمامك ها هنا فاعلم عظامي ليتها كانت عظامك ويحكي عن تولستوي أنه عندما بلغ الثانية والثمانين ترك كل شيء وراءه وهرب من زوجته وحبيبته صوفيا بعد أربعة وأربعين عاما لأنها دأبت على التفتيش في أوراقه والعبث بخصوصياته والتجسس عليه . ويقول عبد الكريم أن لـ “جوته” مغامرات نسائية متعددة حتى أنه عندما بلغ الثالثة والسبعين من عمره هام عشقا بشابة لم يتجاوز عمرها السابعة عشرة. ورغم معرفة أرنست همنجواي أن حبيبته “آجي” ذات الفم الرطب لها تجارب سابقة اعترفت له بها وهو يعلمها جيدا إلا أنه أحبها كما لم يحب من قبل وقد كتب من أجلها أشهر رواياته “وداعا أيها السلاح”، ثم انتحر من أجلها بعدما أنبه ضميره حيث كانت قد سبقته إلى الانتحار في قصرها الزوجي في نابولي عند لقائه بها.