الكمبيوتر وعفريت خاتم سليمان

أعتقد ، بل وأجزم أن لاأحد يختلف معي في الرأي بأن اختراع جهاز « الكمبيوتر « يعتبر من أعظم الانجازات العلمية التي أنجزها العقل البشري الذي سيحسب كأهم منجز يزهو به عصرنا الحديث على كل ماسبقه من العصور في سياق الأزمنة الغابرة على مدى مامضى من التاريخ الانساني . هذا الجهاز - الذي لايتجاوز حجمه حجم حقيبة اليد - أصبح رفيق حياة عدد غير قليل من سكان هذه المعمورة - في حلهم وترحالهم - سواء في المنزل ، أو في المكتب ، أو على مقاعد السيارات ، والطائرات ، أو في المعمل والمصنع ، أو حتى في الأوقات التي يهرب فيها الانسان من ضغوط الحياة ومنغصاتها ، فهو - بحق - يستحق أن يطلق عليه « صندوق الدنيا « وهو إلى جانب كونه جهاز منجزات علمية وتعليمية وإدارية ، هو - أيضا - جهاز ترفيه وتسلية ، وتخزين معلومات ، وأرقام تواريخ ، ولم يعد - كما هو متعارف عليه - « خير جليس في الزمان كتاب « بل أصبح أهم جليس ، وخير صاحب في الزمان « كمبيوتر . من هذا المنطلق أصبح في عالم اليوم مايعرف ب « الحكومة الالكترونية « التي وفرت على الانسان جهده ووقته ، والمضايقات ، والانتظار - في كثير من الأحيان - في أسراب التراكمات البشرية . ليس هذا فقط ، فعن طريق هذا الجهاز تعقد المؤتمرات ، والاجتماعات ، والندوات ، والمحاكمات ، وفي مجال « الرياضة « تتم المباريات - كما هو الحال في لعبة « الشطرنج التي تجرى بين أبطال العالم في هذه اللعبة . كما أسلفت بضغطة زر أو عدة أزارير يقول لك هذا الجهاز المعجزة : شبيك لبيك . الكومبيوتر بين يديك . لتجد قدرة العلم - بدلا من عفريت خاتم سليمان - تلبي طلباتك لتحقيق كل ماتريد من ضرورات حياتية - حكومية ، أو تجارية ، أو مؤسساتية ، دون أن تغادر مقعدك الذي تجلس عليه مهما تناءت الأبعاد ، ولكن بشرط أن تكون في دائرة خدمات وشبكات هذا الجهاز . ونحن كأمة من أمم هذه الأرض ، وجزء من هذا العالم الصاخب - بمستجداته وغرائبه - وتمشيا مع تسارع حركة الحياة المعاصرة ، أصبح الكمبيوتر ضرورة من ضرورات حياتنا التي يفرضها الواقع ، وتتحكم فيها إيقاعات الزمن خاصة في إداراتنا الحكومية ، ومصالحنا البينية . وبما أنه لايوجد شيء يخلو من العيوب ، فإن هذه « التقنية « ليست في متناول كل الناس ، وخاصة العامة والأميون ، كما أن هناك شيئا آخر يحدث - أحيانا - عندما يقف مراجع أمام مسؤول أو موظف يقف حائرا أمام جهازه - المتوقف عن العمل - لايملك من أمره شيئا سوى أن يقول للمراجع : النظام واقف . ساعتها لايملك صاحب الحاجة إلا أن يفرك راحتي يديه ، ويتمتم بشفتيه ، ويتمنى لو أن عفريت « خاتم سليمان « يقف أمامه قائلا : شبيك لبيك هاأنا بين يديك .