علي بن عبدالرحمن المسلم..

أول رئيس تحرير لجريدة القصيم.

أول لقاء مع الأستاذ علي بن عبدالرحمن بن مسلم المسلم كان في منزل الأستاذ عبدالكريم الجهيمان في اللقاء الأسبوعي - الاثنين -، ثم في اللقاء الصباحي بمنزل الشيخ حمد بن إبراهيم الحقيل أيام الخميس من كل أسبوع، وأذكر أن أحد الأيام جمعتنا بهم إضافة للأساتذة الجهيمان، وعبدالرحمن الرويشد، وعبدالله العسكر وعمران محمد العمران وغيرهم، فجرى الحديث عن ذكرياتهم مع التعليم في بداياته بالرياض، والطريف في الموضوع أن العمران والمسلم قد نجحا في السنة السادسة الابتدائية عام 1369هـ 1950م، العمران من المدرسة الأهلية خارج سور الرياض، والمسلم من المدرسة العزيزية بدخنة داخل السور، وأن آل الشيخ المقيمين بدخنة يعترضون على تدريس المواد الحديثة ومنها الجغرافيا التي سموها (تقويم البلدان)، والعلوم، وكان اسمها (سنن الكائنات) هذه المواد تُدرَّس في المدرسة الأهلية أما طلاب العزيزية فهم معفيون من دراستها لأنهم يعتقدون أنها من المنكرات غير المستحبة. وقد أديا اختبار نهاية المرحلة الابتدائية معاً ونجحا رغم أن طلاب العزيزية لم يؤدوا الامتحان بالمادتين المذكورتين. تكرر لقائي بالمسلم ودعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية والتسجيل معه ضمن برنامج التاريخ الشفوي للمملكة، تمنع فحاولت معه وكررت دعوته فحضر بعد إلحاح وذهب معي (للاستديو) وجهزنا الإضاءة واللاقط، وبعد أن قدمته كالمعتاد انتظرت أن يبدأ الحديث عن سيرته، ومضى وقت ليس باليسير لعله يستعيد لياقته ويبدأ الحديث، ولم أشعر إلا وهو يقوم معتذراً عن الحديث. احترمت رغبته، فزودني بسيرته مكتوبة عندما علم أنني أعد كتاب (تراجم رؤساء تحرير الصحف المبكرة). الغريب أن قدرته على الحديث والمزح عندما يكون مع الأصدقاء جيدة، إلا أن الاعتذار عن الحديث تكرر مرات. إذ أقام مركز حمد الجاسر الثقافي ندوة ثقافية بتاريخ 3/4/2008م بمناسبة مرور خمسين عاماً على صدور صحيفة (القصيم) مع ابن صاحب الامتياز علي بن عبدالله الصانع –رحمه الله- وأحد رؤساء التحرير عبدالعزيز التويجري والدكتور عبدالله الوشمي وعندما جاء دوره اعتذر وكلفني بالحديث عنه، وهكذا عندما صور الأساتذة أحمد وعبدالرحمن السعيد الأعداد الأولى من جريدة القصيم استضافا المسلم وغيره للحديث عن تجربته فأحال الحديث إلي ولم يتكلم. وعن ترجمته التي كتبها بقلمه وسلمها لي بتاريخ 20/8/1431هـ قائلاً أنه «ولد ببلد الهلالية في القصيم عام 1356هـ الموافق 1937م قدم للرياض لطلب العلم مبكراً، فدرس بحلقات المشائخ بالمساجد بدءا في حلقة الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم بمسجد الشيخ محمد بن إبراهيم بدخنة، وسكن مع شقيقه الذي يكبره محمد في رباط الإخوان ثم في بيت الإخوان الذي كان يقال له في ذلك الوقت ببيت الطبيشي، ثم دخل مدرسة الأيتام بالمربع وكانت تسمى بالمدرسة السعودية وبدأ الدراسة من السنة الرابعة الابتدائية، ولبعد المربع عن مكان الإقامة بدخنة، فقد انتقل ليكمل دراسته بالمدرسة العزيزية عند افتتاحها، وتخرج فيها عام 1369هـ الموافق 1950م وعند افتتاح المعهد العلمي بالرياض عام 1371هـ 1952م التحق به وكان ضمن الدفعة الأولى من خريجي كلية اللغة العربية عام 1377هـ 1958م. تدرب في معهد الإدارة العامة بالقاهرة مدة ستة أشهر 1960-1961م، وحصل على شهادة الماجستير بالعلوم السياسية من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1967م. بعد تخرجه في كلية اللغة العربية تعين في عام 1378هـ مساعداً لمدير المعهد العلمي بالأحساء، وفي عام العام التالي انتقل إلى وزارة المعارف للعمل في إدارة التعليم الثانوي، بعد ذلك بعام واحد انتقل للعمل مساعداً لمدير شؤون الموظفين بوزارة المعارف، ثم مديراً لشؤون الموظفين. اعُيرت خدماته لإدارة شؤون الموظفين بشركة الكهرباء، ثم ابتعث للولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الماجستير، وعند عودته للمملكة انتقل إلى وزارة الزراعة والمياه مديراً للتخطيط والتنظيم والميزانية ثم مديراً عاماً للإدارة بالوزارة حتى تقاعده المبكر، عمل بعدها نائباً لرئيس مؤسسة بيت الرياض، ثم تفرغ لعمله الخاص. كان يكتب المقالات في صحيفة اليمامة وبعض الصحف الأخرى، ثم رأس تحرير جريدة (القصيم) من العدد الأول إلى العدد التاسع عام 1379هـ الموافق 1959م». ولأهمية جريدة القصيم، ودوره في الأعداد الأولى منها، يجدر بي التفصيل قدر الإمكان عن تلك الفترة. المسلم صحيفاً.: صدرت صحيفة القصيم الأسبوعية بالرياض- وترخيصها على أن تصدر في بريدة- صدر عددها الأول يوم الثلاثاء 1 جماد الآخرة 1379هـ الموافق 1 ديسمبر 1959م وإذا الأستاذ علي المسلم رئيس تحريرها ومدير الإدارة. وقد كتب (كلمة القصيم) افتتاحية العدد - إلى جوار كبار الكتاب والأدباء الأساتذة: حمد الجاسر، وعبدالله بن خميس، وسعد البواردي، وعبدالله بن إدريس، وعبدالمحسن التويجري-، في الصفحة الأولى جاء في افتتاحية العدد الأول: «... وقد حرصنا على أن يكون جديداً في مادته وإخراجه، في فكرته وأسلوبه، لينال بعض إعجابك وثقتك.. إن مبدأ صحيفتكم القصيم هو – أنها للجميع وبالجميع – وليس شكاً في أن يد الله مع الجماعة. إنها ستسير على أقوم السبل وأمثل الأساليب الأدبية الاجتماعية الوطنية التي ينادي بها ويعمل لها ديننا الحنيف.. إن «القصيم» لم تأت إلى الحياة إلا لتخدم وتعمل، لم تأت إلا لتؤدي واجباً، ولتكون للجميع وبالجميع.. وستبقى هكذا على مر الأيام وتكرار السنين..، إن «القصيم» ستنادي وستعمل للمحبة والمودة والإخاء الصادق.. إنها لا تعرف التعصب، بل وتحاربه، ولا الإقليمية والقبلية التي تمجها وتسعى جهدها لزوالها.. إنها صحيفة عربية سعودية للجميع..» إلخ. وجاء في افتتاحية العدد الثاني 8/6/1379هـ «.. وصحيفة القصيم إذ تصدر باسم هذا الإقليم الغالي من وطننا العزيز فليس معنى ذلك أنها محصورة عليه فهي كأي صحيفة من صحف هذا الوطن تخدم المصلحة في أي جزء منه، وهي ستقوم بدورها الإيجابي في سبيل المعرفة والتوجيه، وقد عاهدت الله أن تمثل كل جزء من هذا الوطن الصغير بجانب تمثيلها لجميع أجزاء الوطن الكبير، فهي إذاً يا صديقي القارئ الكريم صحيفة عربية تحاول نشر الوعي الثقافي بين الجماهير..». ومن العدد الثالث يصبح عنوان الافتتاحية (حديث الثلاثاء) وكأنه يتمثل ببرنامج وحديث عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين (حديث الأربعاء). وفي العدد العاشر الصادر في 5 شعبان 1379هـ، فبراير 1960م يختفي اسم علي المسلم رئيساً للتحرير ليحل مكانه صاحب الامتياز عبدالله الصانع. ترجم له في (موسوعة الشخصيات السعودية) الصادرة من مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، ط2، ج2، 1434هـ 2013م. وأضافت: «.. وحالياً يعمل في القطاع الخاص حيث يدير إحدى المؤسسات المتخصصة في الدعاية والإعلان بالرياض، رأس تحرير جريدة القصيم». كما ترجم له السيد سمير مرتضى في (معجم الصحفيين في المملكة العربية السعودية) ج1 ط1، 1429هـ الموافق 2008م، ومما ورد في ترجمته «.. درس في الكتاتيب بين الهلالية والبكيرية ثم درس برباط الإخوان بالرياض.. وبعد إحالته للتقاعد، «.. اتجه إلى القطاع الخاص حيث أدار مؤسسة متخصصة بالدعاية والإعلان بالرياض. كتب في جريدة اليمامة وجريدة الخليج العربي. أول رئيس تحرير لجريدة القصيم التي أصدرها عبدالله العلي الصانع ببريدة بتاريخ 1/6/1379هـ الموافق 1/12/1959م، وأيضاً تولى إدارة الجريدة في الوقت نفسه، وقد أعفي من رئاسة التحرير من العدد العاشر الصادر في 5/8/1379هـ. وكان يوقع مقالاته باسم (أبو مازن). وجاء في افتتاحية العدد العاشر تحت عنوان رئيس التحرير جاء فيه: «.. نسبة للتطور الجديد الذي غمر صاحبة الجلالة الصحافة السعودية فقد أعفي الزميل الكريم الأستاذ علي المسلم من رئاسة تحرير هذه الصحيفة – القصيم – وتولى هذه الرئاسة مع الإدارة الأستاذ عبدالله العلي الصانع صاحب الامتياز. وإن أسرة تحرير القصيم حين تودع الأستاذ علي المسلم فإنها تشكره على تعاونه معها في الفترة الوجيزة التي زاول فيها مهمة رئاسة التحرير». وما زال أبو مازن يحضر مجلس الأستاذ عبدالرحمن الشويعر مساء الجمع ونلتقي به في جو من الحيوية والمحبة والمرح، وهو على أبواب التسعين من عمره المديد أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية. فكان يستمع أكثر مما يتحدث ويوزع الابتسامات على الجميع.