محمد بن عثمان الركبان..

«الأستاذ» الذي علم وزير التعليم الأسبق نشيد الحياة.

سمعت بالأستاذ/ محمد بن عثمان الركبان وهو مسؤول بارز في رئاسة الحرس الوطني نهاية القرن الهجري الماضي، وكل من عمل معه أو رافقه يشيد بما يتحلى به من الصفات الحميدة والأخلاق الفاضلة، أذكر منهم الدكتور عبدالعزيز الشعيل الذي عمل تحت قيادته لأكثر من عشرين سنة، ومن باب الوفاء والتقدير ألَّف عنه كتاباً يشيد به ويعدد صفاته ويشيد بأسلوبه في العمل، ولم يؤلف هذا الكتاب إلا بعد وفاته، وسماه (رجال أحياء بما قدموا)، وقد استعرض سيرته، وضم شهادات بعض من عاصروه، وما كتب عنه بعد وفاته – رحمه الله -. قال الشعيل عن أستاذه الركبان: «.. لقد كان من حسن حظي أن وفقني الله بأن أكون تحت مظلة قيادته، حيث كان موجهاً ومعلماً ومربياً لي بعد أن اجتزت المرحلة الطويلة من التعليم بعد الجامعة، فخط بيده منذ اليوم الأول قرار تعييني موظفاً في حين كان من المفترض أن أقضي العام مرحلة تجربة... بذل لي ولغيري نفسه وجهده وخبرته... مع تسامح دائم ونزاهة لم تفارق إيقاع الأحرف التي يملك كافة الصلاحيات كل معالمها... لم يكن يوماً من الأيام حاسداً أو حاقداً أو متتبعاً للعورات الإدارية فيغض الطرف في حلم وعلم الفضلاء، ويكبح نزوات نفسه وعجلة وغرور وتسلط الآخر بأدب وحكمة، مما جعل الضعفاء والمحتاجين يتدافعون إلى معينه الإداري دون تردد أو خوف أو وجل مما يدفعهم إلى إجلاله وتقديره ومحبته تلقائياً وهو غاية ما يطمح إليه كل إنسان... لقد بدأ الشيخ محمد بن عثمان الركبان حياته فقيراً وانتهت حياته كذلك، لا فقراً مادياً وإنما فقراً في سلبيات الحياة التفاعلية، ولكنه كان غنياً بمثله وقيمه ووطنيته، فضلاً عن إيمانه بواجبه نحو دينه ووطنه وأبنائه وأبوته لكافة من تعامل معه أو عمل معه. وكانت وفاته يوم الجمعة 22 رجب 1429هـ الموافق 25 يوليو 2008م. وأرفق بالكتاب نبذة مختصرة لحياته العلمية والعملية. بدءاً من مولده بالمجمعة عام 1348هـ وبداية تعلمه بمدرستها الحكومية الأولى منذ تأسيسها عام 1356هـ. وقرأ على المشايخ: عبدالله العنقري، وعبدالله بن حميد، وسعود بن رشود، وسليمان بن حمدان، وغيرهم. • تعين مدرساً بالمدرسة العزيزية عام 1367هـ، ثم مساعداً لمدير المدرسة فمديراً لها. • عمل بعد ذلك مفتشاً ومساعداً لمدير التعليم بالمجمعة. • انتقل للعمل بوزارة المعارف بالرياض رئيساً لقسم الفهارس والملفات. • رشحه وزير المعارف الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن مديراً للتعليم بمنطقة الخرج ولكنه لم يباشر العمل لانتقاله من المعارف لرئاسة الحرس الوطني مديراً للشؤون الإدارية، ثم مديراً لشؤون الموظفين، ثم مديراً للتفتيش وانتهى به المطاف مديراً عاماً للحرس الوطني حتى تقاعد من العمل عام 1417هـ. ساهم بفاعلية ببناء الشأن الإداري والتنظيمي في الحرس الوطني، وتطوير التعليم، وتعليم الكبار، وما يتعلق بالخدمات الطبية. • كان له دور كبير في ابتعاث العديد من أبناء هذا الوطن للدراسة في أمريكا وكندا وفقاً لتوجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الحرس الوطني. الذي حرص أن يعود هؤلاء المبتعثون وهم يحملون الشهادات العليا في مختلف العلوم والمعارف لخدمة وطنهم في مجالات الإدارة والطب، والهندسة، والعلوم الصحية، والحاسب الآلي. • شارك الأستاذ محمد الركبان خلال عمله في عدة ندوات ومؤتمرات في معهد الإدارة العامة وفي الحرس الوطني. • كان عضواً في اللجنة العليا لتعليم الكبار حين كان يرأسها وزير المعارف الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ. • للأستاذ محمد كتابات مسلسلة نشرت في جريدة الرياض تحت عنوان (من ذاكرة الزمن) تناول فيها مجموعة من الأحداث في تاريخ حياته العلمية والعملية، كما نشر عدداً من المقالات في المجلة العربية، ومجلة التجارة. • بعد تقاعده اختير عضواً في اللجنة العليا لكتابة الموسوعة التعليمية التي صدرت عن وزارة المعارف باسم (موسوعة تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية). قال عنه بعد وفاته معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وزير التربية والتعليم بجريدة الرياض في العدد 14643 «.. هذا الرجل الذي ودعناه، لا أقول فارقناه، لأنه باق في حياتنا.. لن ننساه لا بحكم القرابة، بل بحكم ما يتميز به من كرم الأصل ونبل الخلق، وجميل المشاعر التي غمر الناس بها حياً.. وسوف تبقى لديهم من بعده سنيناً.. إنه معلمي الأول، على يديه بدأت حروف الكتابة.. كما بدأت أنشد للحياة...». وكتب الأستاذ محمد بن أحمد السليمان معقباً على ما كتبه الرشيد ومعدداً صفاته الحميدة، ومما قاله: «.. كان من خصال هذا الرجل حبه وحرصه على كل ما فيه مصلحة بلده المجمعة.. وقد رأى الكثير من أبناء بلده القدامى أميين قاصري القراءة والكتابة فحز في نفسه بقاء هؤلاء على حالتهم، فما كان منه إلا أن جمع صفوة ممتازة من كبار طلاب المدرسة الثانوية والمعهد العلمي وعرض عليهم التطوع للتدريس في مدرسة ليلية لمكافحة الأمية (وهي أول مدرسة من هذا النوع بالمنطقة) بدون رواتب وسيقوم هو بإدارتها فاستجابت له مجموعة من الطلاب الذين اختارهم بنفسه ومنهم كاتب هذه السطور... وكان إقبال المواطنين على هذه المدرسة الليلية كبيراً جداً.. إن هذ الاهتمام من الأستاذ الفقيد محمد الركبان له أثره البالغ في محبة الناس له...». ورثاه آخرون نذكر منهم: عبدالله بن سليمان الحقيل، وعبدالله بن سليمان العقيل، وخالد بن حسن العولة، وجلوي بن عبدالعزيز الجلوي، والدكتور عبدالله بن محمد الزيد، ومنصور الدخيل، وعبدالمحسن بن عبدالله التويجري، وأحمد بن عبدالعزيز الركبان، وغيرهم. ترجم له في (موسوعة تاريخ التعليم في المملكة العربية السعودية في مائة عام) المجلد السادس، الصادر من وزارة المعارف، ط2، الرياض 1423هـ 2003م. « محمد بن عثمان بن محمد الركبان، من مواليد المجمعة، تلقى تعليمه في المدرسة السعودية بمدينة المجمعة، وحصل على كفاءة التعليم الأولى في الستينيات الهجرية، كما درس على يد عدد من المشايخ منهم: عبدالله العنقري، وعبدالله بن حميد، وسعود بن رشود، وغيرهم. عمل معلماً سنة 1367هـ فمساعداً لمدير المدرسة، فمديراً للمدرسة العزيزية بالمجمعة، فمستشاراً مركزياً، ثم مديراً للفهارس في وزارة المعارف، رشح مدير تعليم في منطقة الخرج سنة 1381هـ، ولم يباشر لانتقاله إلى الحرس الوطني، وتقلد فيه وظائف مختلفة آخرها مدير عام الحرس الوطني، شارك في عدة لجان في وزارة المعارف، والحرس الوطني، كما أسهم في افتتاح عدد من المدارس في منطقة سدير، تقاعد عام 1417هـ. من آثاره: شارك في عدد من الندوات والمحاضرات في معهد الإدارة العامة». ص222. Abo-yarob.kashami@hotmail.com