مستقبل جديد.. لسوريا الجديدة.

أثناء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع كامل العقوبات على سوريا كانت ردة الفعل العفوية لسمو ولي العهد بوضع يديه على صدره - تعبيراً عن الشكر - مثار أصداء واسعة تصدرت «الترند» في كل شبكات التواصل الاجتماعي. لقد عبرت الحركة العفوية بكثافة خلاصة الموقف السعودي تجاه سوريا منذ بداية سقوط نظام الأسد حتى الآن، مروراً بكل أشكال الدعم والمساندة لسوريا والسوريين الذين سطروا قبل أيام على جبل قاسيون عبارة: «شكراً للسعودية»،وكان حافزاً للاتحاد الأوروبي ليصدر قراراً لرفع العقوبات أيضاً. ولكن ماذا ينتظر مستقبل سوريا؟ إذا أمعنّا النظر في تصريحات السيد أحمد الشرع، ووزير خارجيته أسعد الشيباني، سنجد أننا أمام نوع من النخبة السياسية الجادة في إرادتها لنقل سوريا لواقع جديد. هناك نوايا فيما يبدو أنها حازمة تجاه العمل على إنقاذ البلد في هذه الفترة. حزمة العقوبات المرفوعة مؤخراً ستدفع البلد بمؤسساته للتحرك والتحرر من قيود دامت عقوداً على سوريا أرضاً وإنساناً. حتى نقيس واقعية ما تحقق خلال ستة الأشهر الماضية من التغيير الحاصل في سوريا، يمكننا رؤية وضع الليرة السورية ليلة سقوط النظام وبعدها بأشهر، كان الدولار يساوي 27 ألف ليرة في الأيام الأخيرة لنظام الأسد، وخلال الأشهر الأولى بعد تغيير النظام ارتفعت إلى 13 ألف ليرة لكل دولار. عشية إعلان الرئيس ترامب رفع العقوبات عن سوريا ارتفعت الليرة إلى 7 آلاف ليرة لكل دولار. هذا الوثب السريع في سعر صرف الليرة يمكن أن يعطينا مؤشراً حقيقياً يساعدنا في استشراف جانب من المستقبل السوري. إضافة إلى حتمية التحسن الاقتصادي بعد إعلان مجموعة من الشركات التوجه لسوريا للاستثمار. ينتظر سوريا الكثير من الأمل لردم تلك الفجوة الحضارية والتنموية التي غابت فيها البلاد بسبب النظام السابق، وأمام الإدارة السورية الجديدة الكثير من العمل والجهد، ولا شك أن الطريق شائك وطويل وليس سهلاً، ولكن بتضامن بقية العرب سيحدث الفارق بمشيئة الله، وهو ما تعهد به سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في تصريحه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد خلال زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة الأسبوع الماضي حين أكد على أن السوريين شعب متعلم ومثقف وقادر على إدارة دفة بلاده، ولكن أيضاً سنكون بجانبهم. حكاية الحب السورية السعودية على مستوى الحكومتين باتت عنواناً أيضاً للشعبين الشقيقين على مواقع التواصل. حكاية الحب هذه تبدأ من قلب خادم الحرمين الشريفين الذي كانت مواقفه منذ بداية التغيير في سوريا، وعبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وحتى اليوم، عنواناً أيضاً للقلب الكبير، والأبوة التي تتجاوز شعبه إلى الشعوب العربية. تلك العائلة السورية التي سمّت مولودها باسم «سلمان» في الأيام الأولى بعد رحيل نظام الأسد تختصر كل المشاعر السورية تجاه المملكة قيادةً وشعباً.