سيرة هاروكي موراكامي ..

الكتابة على « طاولة المطبخ» .

أدهش الروائي الياباني هاروكي موراكامي قُراءه بسيرة روائية ، مُوردًا فيها جوانب من حياته طيلة مشواره الروائي، ومقولات بناها من رأي وانطباع شخصي، ظلت متلازمة معه طيلة حديثه المكتوب، مفاجئًا القاريء بقوله:« الرواية عمل موحش». مما ذكره أنه سمى روايتيه « سمع الريح تغني و«الكرة والدبابيس » 1973 سرد «طاولة المطبخ» كونه كتبها على طاولة الطعام بمطبخ منزله، ورسالة منه مغزاها أن الشغوف بالعمل لن يرده عائق، ولن يمنعه من إنجازه مانع «فأيا كان المكان الذي يجلس فيه الشخص وهو يكتب رواية، فهو غرفة مغلقة بمثابة غرفة مكتب متنقلة» ومحو منه صريح للصورة النمطية التي رسخت في الأذهان بضرورة المكان المغلق لإنجاز عمل كتابي. ومما عرج عليه هاروكي استبعاد كتابة الشخص للرواية بإيعاز من آخر، فالروائي يكتب لان لديه رغبة شخصية في الكتابة، ودافعاً داخلياً قوياً يقوده الى الكتابة وتحمل أوجاعها، وهذا ينطبق أيضًا على الكتابة من تكليف وطلب، كمحرر يطلب من روائي كتابة نص قصصي وبمقابل، مما يؤكد هاروكي أن وجود دافع داخلي للكتابة هو المحرض للروائي عليها، فالمقابل المادي والمغريات حين الطلب ليس كافية، وهذا ما نلاحظه حين توجه الكُتاب الى انشاء حسابات لهم شخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل النفور من الصحف وما تصطدم به من منعطف مادي، فتجده استغنى عنها واستبدلها بحساب شخصي، مما يؤكد ان حافز الكتابة موجود، فليس الحاجة المالية وضيق ذات اليد دافع قوي للكتابة. ويذكر الروائي هاروكي موراكامي أن قوة ذهنية تربط بين الروائيين، ويعني بها إرادة صلبة قوية تسمح للروائي بالاستمرار في كتابة الرواية، مهما كانت الصعوبات التي يواجهها في حياته، ومهما كانت قوة إرادة الروائي فلن يواظب على ممارسة عمل لفترة طويلة إن لم يكن يلائمه «فلكي تحافظ على الابداع فترة طويلة تحتاج الى القدرة على البقاء كي تستمر بهذه العملية، ولكي تعيش ضمن قوة ذهنية لابد من المحافظة على جودة حياتك، وتبني الاطار الذي يشمل البدن والروح». وقال:« الروائي حين يصنع روايته فإنها في الوقت نفسه تصنعه أيضا بمعنى من المعاني، وبقوة الكتابة استطعت إعادة تدوير وارجاع مشاعري واحاسيسي الطفولية، وهي من المشاعر التي لا يجربها الا الروائي. ولفت الروائي الياباني قراءه أن الكاتب في حاجة ملحة الى قوة بدنية استثنائية، فاذا انحدرت القوة البدنية انحدرت معها القوة الذهنية، فالمزيج اليومي من التمارين البدنية والتحفيز الفكري لها تأثير كبير على ولادة عمل ابداعي، فعندما يتلبّسك الكسل خاطب نفسك بجدية «هذا الامر ينبغي عليه فعله في حياتي» وهو إدراك طبيعي داخلي بان الجري عمل مهم جدا بمقدار القوة التي تحتاجها انت، وليست القوة التي تقارن بها الاخرين. مُؤلف خفيف الظل، يحتاجه الروائي والمبتدئين في كتابة الرواية، ومن ينتابه الكسل مرة حين مرة، عَنوَانه هاروكي «مهنتي في الرواية» أصدرته بعد الترجمة للعربية دار الآداب، متوجًا رؤاه بأقوال منها :« الحظ السعيد ما هو الا تذكرة دخول فقط، وتحتاج الى الكفاءة والموهبة والمهارة الفردية والقدرات والرؤية». وكذلك» يوم واحد في كل مرة وتعني أن تحافظ على إيقاع ثابت وتكسب يومًا بعده يوم» وبحسب ما فهمته أن تحرص على الإنجاز في اليوم وعندما تنتهي تحرص على الإنجاز في اليوم الاخر وهكذا. يحتوي الإصدار على الكثير من المواضيع، وعبر ما يقارب 200 صفحة لم يترك هاروكي موراكي الكُتّاب وأساليبهم، والقرّاء بأنواعهم، والنقاد واختلاف ارائهم، وكذلك الجوائز وتأثيرها، والنشر ومن يقف خلفه، مرورًا بالترجمة، وحياته الخاصة منذ الدراسة إلى انتقالاته من مهنة لأخرى.