الاستدارة نحو القراءة
حين يستدير الكل نحو وسائل التواصل الاجتماعي فليكن خيارك القراءة. فليس معنى انكفاء الناس عليها أنها الأنسب والأفضل؛ إذ إنها متعة مؤقتة، وسلوة منقطعة لتزجية الوقت ليس إلا. أما إذا سألت عن الفائدة الحقيقية والمستدامة التي تغذي الدماغ وتستثير فيه كل معاني الحكمة والمعرفة، فليس أفضل لك من أن تتجول في عقول العلماء والأدباء والفلاسفة والمفكرين، الذين قضوا أعمارهم في تحصيل العلوم مبتعدين عن سفاسف الأمور وصغائرها محلقين في عوالم مختلفة، صابين زبدة ما حصلوه في قوالب جاهزة وسهلة هي الكتب، موفرين علينا كل جهد، وغير منتظرين أي مكافأة سوى الاطلاع على ما كتبوه، لأن ذلك هو الضمانة الحقيقية لبقائهم على قيد الحياة. وحين يستدير الناس نحو مجالس تحرق الوقت وتنال من أعراض الغافلين وخصوصياتهم، فلا تنجرف معهم مهما ازدادت أعدادهم، ومهما بدا لك من جمال ذلك الفعل، فالقراءة أجمل وأبقى، والوقت أعز رأسمالٍ للحي، أو كما قيل: لا تحتاج أن ترجع للوراء حتى تتخلف؛ يكفيك أن تقف؛ فالوقت يسير والناس يسيرون معه. وحين يستديرون نحو جمع المال من أجل جمعه لا أكثر ولا هم لهم غيره، فلا تفعل ذلك أكثر مما ينبغي، لأن العلم والقراءة هي التي تبقى معك عندما يذهب كل شيء، وهي التي قد تخرجك من وهدة الجهل، بل هي ما لا يستطيع أحد أن يأخذه منك. حين تجد مجتمعًا يرزح تحت نير التخلف فراجع ممارساته ولا تقلّدها، فلا بد من وجود خلل في ممارساته، كن متفردًا في تفكيرك، وانتهج نهجًا مختلفًا ينتهجه القليلون. أما كيف تعرف ذلك كله فهو بمزيد من القراءة والاطلاع. وختامًا حينما يستدير الجميع نحو المألوف، فعلى من يرغب في أن يكون مختلفًا على نحو إيجابي أن يستدير لكن في اتجاه متميز.. فلتكن استدارته نحو القراءة.