قتلة زهرة القمر: الحياة والموت بعد الاحتلال.
فيلم سكورسيزي المليء بالعاطفة بطولة روبيرت دي نيرو وليوناردو ديكابريو يحكي عن قصة تبدو مألوفة وقريبة لما يحدث عندنا هذه الأيام. قصة عن قتلة سيكوباثيين، يسرقون بجشع ما ليس من حقهم. يجسد روبيرت دينيرو ببراعة شخصية ويليام كينج هيل، العقل المدبر معسول اللسان المبتسم طوال الوقت والذي هو على أتم الاستعداد لقتل حتى أتباعه وشركائه في الجريمة للتغطية على جرائمه. أداء ديكابريو، البطل الأول في شخصية إرنست بيركهارت، عبارة عن خليط مثير بين لص وقاتل عديم الشفقة، وفي ذات الوقت حجر شطرنج يمكن التلاعب به بسهولة. إرنيست لا يبدي أي تردد أبدا في المشاركة في التآمر على قتل أفراد قبيلة الاوسيج، والملفت أن العنصرية لا تلعب دورا مهما في الدافع للقتل، لكن العرق الذي ينتمي له الضحايا هو الذي يتيح لهيل وبيركهارت الإفلات من العقاب. هذان الاثنان لا يظهران أي إشارة لعداء عنصري طيلة الفيلم، ماعدا بعض الإيحاءات في حديث هيل حين كان يطلع ارنست على خطته. الاغتيالات في الغالب تتم بدم بارد يستثنى من ذلك صديق هيل ذو الشخصية المكتئبة الراغب دوما في الانتحار، والذي يحرض ارنست على قتله بسبب الغيرة بعد أن عرف أنه كان الزوج الأول لزوجته مولي. الجانب الآخر للفيلم هو قصة الحب بين ارنست ومولي، المرة الوحيدة التي يبدو فيها ارنست محتارا هي حين يطلب منه أن يقوم بتسميم مولي على الرغم من موافقته على القيام بذلك في النهاية. التقى سكورسيزي، مخرج الفيلم بأحفاد ارنست ومولي، الذين أكدوا على أن الاثنين كانا يحبان بعضهما البعض بالرغم من كل ما حدث. لكن، يبقى هناك احتمال آخر هو أن ارنست كان يفعل ما يملى عليه وأنه تزوج مولي تنفيذا للخطة، وأن مولي تزوجت ارنست لأنها كانت بحاجة إلى رجل أبيض يدير أموالها كي تتمكن من الوصول إلى تلك الأموال كما يملي النظام في ذلك الوقت، أي أنه كان زواج مصلحة بالنسبة لها. مهما كانت الحقيقة، فإن الفيلم يصور إرنست على أنه رجل يحب عائلته، لكنه مستعد لإيذاء زوجته، هل كان يعرف أن السم سيقتلها أم لا؟ يترك الفيلم المشاهد كي يستخلص بنفسه. مأساة القبيلة تتبدى في أقسى لحظاتها حين يلوم أفرادها أنفسهم لما يقع عليهم من ظلم، شيوخ القبيلة يقولون: إن ملكية النفط لا تعود لهم، وأن ثراءهم منه كان السبب في حلول الخراب وجلب الشرور. هناك لقطة في أول الفيلم تشرح ذلك حين يعترف بائع أكفان وعضو في جماعة (كي كي كي) المتطرفة أنه يطلب أسعارا أعلى من الأوسيج لأنه على العكس منهم، يعمل كي يحصل على رزقه. الكتاب المأخوذ منه الفيلم يوضح أن الاغتيالات استمرّت بعد القبض على العصابة، وأن الثراء الناجم عن النفط توقف واختفى وأن العدالة لم تطبق على الكثيرين، وأن الأوسيج عاشوا متأثرين بتلك الاغتيالات. ينتهي الفيلم بلقطة تبين استضافة الأوسيج الحديثين لدائرة طبل كي تقول: إنه بالرغم من الاغتيالات والمآسي فإن الحياة تستمر وأنهم قادرون على البقاء كأمة.