رسالة إلى أصدقائِي القُدامى

اليومَ قابلتُ أحدكم، عرفتُه من ضحكتهِ، وعرفتُ ما كانَ بيننا، لكني نسيتُ اسمه، وعزائي أنه ظلَّ يحكي دونَ أن يذكرَ اسمي، لا تقلقُوا فأنا ما زلتُ أذكرُ إيقاعَ لقاءاتنا، وما فيها من توابل المفارقاتِ، لا تقلقُوا حين أتفرَّسُ وجوهكُم، وأختارُ مناداتِكم بأسماءِ بعضِكم، المهمُّ أني وفيٌّ لكُم، لا تقلقُوا إذا لم أهتمَّ بالحديث معكُم حين ألقاكُم، فأنا مشغولٌ بداخلي، أفتشُ عن شيءٍ أتذكَّره عنكُم لأعبرَ لكُم عنه، لا تقلقُوا عليَّ إذا استرسلتُ في حكايةٍ مملةٍ عن صبايَ ورُشدِيَ، عن نزواتي وارتجالاتي، عن خساراتي وأرباحي، عن كل شيءٍ ندمتُ عليه، عن كل شيءٍ خبأتُه فمرَّ الزمنُ دونَ أن أستمتعَ به. أصدقائي كلُّ ما تثرثرونَ به لا معنى له؛ لأني مشغولٌ بترتيب شتات حكايةٍ فاخرةٍ أرويها لكم، لكنَّها تظلُّ عصيةً على الترتيب، أبحثُ فيها عن أسماءِ الوجوه التي تقافزت في وجهِي، كنت آملُ أن تضعكُم الأقدارُ بأسمائكم أمامِي، لكني أقولها بحرقةٍ لقد وجدتكُم غرباءَ في حكايتي. أصدقكُم القولَ لقد تصالحتُ مع غيابِ الأسماءِ، لقد أصبحتُ أروي الحكاياتِ دون أسماءَ فاغفرُوا ما سقطَ، واقبلُوا ما بقيَ من تماسكِ الحكايةِ!!